الْخالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦) وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ) (١٧) [المؤمنون : ١٢ ـ ١٧].
ومن هذا نرى أن التعريف بالإنسان فى خلقه ابتداء دليل على بعثه انتهاء ، ألم تر أن الله سبحانه وتعالى ذكر أنه خلقه علقة ومن العلقة مضغة ومن المضغة عظاما ثم كساها لحما ، ثم أماتها ، ومن الطبيعى أن يكون قادرا على الإحياء ، لأن الإنشاء على غير الله أصعب من الإعادة ولا صعوبة على الله تعالى فى إنشاء ، ولا إعادة.
ومن تعريف بعض المحرمات يستبين تحريمها ، والأمر القاطع بالتحريم ، ومن ذلك قوله تعالى فى تحريم الخمر : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٩٢) [المائدة : ٩٠ ـ ٩٢].
ونرى من هذا أن التحريم الثابت بالنص ذكر أوصاف الخمر وبيان ذاتها وما يترتب عليها ، لمعرفة حكمة تحريمها ، فذكر تعريفها بالحد والرسم ، أما التعريف بالحد فبيان ذاتها بأنها مع أخواتها من الميسر ، والذبح على النصب ، هو التعريف بالحد ، وهو ذكر الذات ، بذكر جنسها وفصلها ، وأما ذكر هذا التعريف بالرسم ، فهو ذكر ما يترتب على الشرب من وقوع العداوة والبغضاء والصد عن الصلاة وعن ذكر الله تعالى ، فهى لهو لتزجية الفراغ بما فيه الصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، والانغمار فى اللهو الفاسد.
٢ ـ الاستدلال بالتجزئة
١٤٤ ـ إن تذكر أجزاء الموضوع ، وبتتبعها يكون إثبات الدعوى ، ومن ذلك أن المقرر الثابت بالبديهة الذى لا مجال للريب فيه الحكم بأن الأثر يدل على المؤثر ، وأن الكون يدل على خالقه ، وأن القوى البشرية والعقول المستقيمة تقر بأن الخالق لهذا الكون صغيره وكبيره قوة واحدة ، وهى قوة الله سبحانه وتعالى.
وقد كان القرآن يذكر ذلك فى آياته الحكيمة أحيانا مجزأ وأحيانا غير مجزأ ، ومن الاستدلال بالتجربة قوله تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ