وهكذا نرى المتتبع لآيات القرآن يجد مجادلة فى أمر البعث ، فإنكار البعث مقترن بالكفر ، ومقترن بإنكار الرسل ، والقرآن يرد على المنكرين إنكارهم بمنطق العقل والحق ، فإن الله خلق السموات والأرض وما بينهما ، وهو الذى يملك الرزق فى السماء والأرض ، وهو الذى أنشأ الحياة والأحياء ، وبقياس الغائب على الشاهد يثبت بلا ريب أن القادر على الإنشاء قادر على الإعادة ، وأن من أفن الإدراك وفساد التفكير ، أن يحسبوا أن ثمة عائقا يعوق المنشئ الأول عن الإعادة ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
يوم القيامة
١٧٦ ـ هو اليوم الذى يضطرب فيه الكون ، والشمس تكور ، والنجوم تنكدر ، والجبال تسير ، والعشار تتعطل ، ولقد وصفه الله سبحانه وتعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (١٤). [التكوير : ١ ـ ١٤]
وإن يوم القيامة يقترن بالخروج من القبور والبعث ، كما قال تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) (١٢). [الانفطار : ١ ـ ١٢]
وإن الله سبحانه وتعالى يسمى يوم القيامة الساعة ، لأنها ساعة الهول الأكبر ، وقد قال تعالى فى وصفها :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) (٢) [الحج : ١ ـ ٣].
وكما سماها الله تعالى الساعة سماها أيضا الحاقة ، والقارعة ، فقال تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) (١٤)