بالسامية أو الآرية ، إنما الإكرام بالعمل لخدمة الإنسانية وإن النصوص القرآنية كلها تدعو إلى التراحم بين الناس ، فالله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (١) [النساء : ١].
ونص القرآن على الوحدة الإنسانية ، فقال تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [البقرة : ٢١٣].
العدالة الدولية
١٨٦ ـ والعدالة كما تكون بين الآحاد تكون بين الجماعات والدول ، فقد قامت العلاقة بين المسلمين وغيرهم على أساس العدالة. فلا يظلمون شيئا ، ولا يمنعون من خير ، والناس جميعا نسبتهم إلى الله واحدة ، لقد كانت الدول حتى التى بلغت شوطا من الحضارة فى عهد نزول القرآن كالفرس والرومان واليونان لا تعترف بأى حق لغير المستوطنين معهم ، فغيرهم يعدون برابرة ، وليسوا منهم فى شىء ، حتى أن الإسرائيليين الذين يعيشون فى حكم الرومان لا يعتبرون رومانيين ، ولا يمنحون هذه الرعوية وتلك الجنسية ، باعتبار أن الجنسية الرومانية شرف لا يحوزه إلا الرومان ، وكذلك كان الفرس.
وإن من يعيش فى بلد آخر يسترقونه ، حتى أن أفلاطون جرى عليه الرق ، وعمر ابن الخطاب رضى الله عنه قبل الإسلام قد ذهب إلى أرض الروم فاسترقه قسيس رومانى ، وأظهر عمر الاستسلام ، حتى اطمأن إليه القسيس وخرج معه إلى الصحراء فى أرض الشام ، فلوى عمر رقبته ـ وكان قويا فى بدنه ، كما صار من بعد قويا فى دينه ـ وقتله ، وهرب بحريته.
جاء القرآن الكريم فحارب التعصب القبلى ، والتعصب الجنسى ، والتعصب الإقليمى ، وجعل الناس كما رأيت أمة واحدة ، لا فرق بين عربى وغير عربى ، كما أشرنا.
وقامت بذلك العلاقة الدولية على أسس العدل ، قال تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (١٩٠) [البقرة : ١٩٠] ، وقال جل وعلا : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (١٩٤) [البقرة : ١٩٤].
وقال تعالى : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)
[النحل : ١٢٦]