ولا ننسى قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) [الأنفال : ٧٥] ، فإنها كما تدل على المودة بين أولى القربى تدل على أولوية الميراث أيضا ، ولذا اقترن بها قوله تعالى : (فِي كِتابِ اللهِ).
وبهذا نرى أن القرآن الكريم تولى الأحكام فى الملكية بالخلافة الإجبارية بعضه بالتفصيل وبعضه بالإجمال الذى يغنى عن التفصيل.
وقد كان عمل النبى صلىاللهعليهوسلم تطبيق أحكام الكتاب ، ولنضرب لذلك مثلا ، أن عبد الله بن مسعود سئل عن بنت وأم وأخت شقيقة فجعل الأخت الشقيقة قائمة مقام الأخ الشقيق تأخذ الباقى ، وقال : ذلك قضاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
وطبق النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) [الأنفال : ٧٥] ، فقرر صلى الله تعالى عليه وسلم أنه بعد أن يستوفى أصحاب الفروض فروضهم ، ولم يكن أب أو ابن أن الميراث يكون لأقرب رجل ذكر ، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : «فإن بقى بعد أصحاب الفروض ، فلأقرب رجل ذكر» ولا شك أن ذلك الحديث النبوى تطبيق دقيق لقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فالأولوية تقتضى أن يكون الأقرب أحق بالميراث ، أو بما يبقى منه.
وقد ثبت بالسنة أن المتوفى إذا ترك بنتا وبنت ابن مات أبوها فإن البنت يكون لها النصف ، ولبنت الابن السدس تكملة للثلثين اللذين يكونان للبنات ، فإذا أخذت البنت الواحدة النصف ، فإنه لا يذهب باقى الثلثين ، بل يكون لبنت الابن ، لأنها بنت للمتوفى مجازا ، وذلك تطبيق للنص القرآنى.
وقد ثبت أيضا أنه إذا كان للمتوفى أم ، وأخت شقيقة استحقت النصف فقط ، وهناك أخت لأب ، فإنها تأخذ السدس تكملة للثلثين ، حتى لا يذهب ما فوق النصف ، وذلك بتطبيق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لقول الله تعالى : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ).
وبهذا يتبين أن القرآن الكريم تولى أحكام الميراث بالتفصيل فى أصحاب الفروض ، والعصبة فى الأولاد والآباء ، وبالإجمال فى باقى الأحكام ، والسنة النبوية طبقت القرآن ، وكانت بيانا للناس.
ما يلاحظ على توزيع القرآن العادل :
٢٠١ ـ يلاحظ على ذلك التوزيع العادل الذى تولاه القرآن ما يأتى : أولا : أنه جعل للنساء ميراثا. ولم يكن العرب فى الجاهلية يعطون النساء ميراثا ، وأنه فى سبيل