اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) (١٠) [النور : ٦ ـ ١٠].
والشهادة هنا هى الحلف بالله تعالى ؛ لأن الحلف فيه إشهاد لله سبحانه وتعالى ، فالرجل يحلف أربع مرات أنه صادق فيما رماها به من الزنى ، أو نفى الولد ، إن كان الرمى بعدم نسبة الولد إليه ، ويتضمن ذلك الرمى بأنها حملت به من الزنى ، فإذا حلف هذه المرات الأربع ، حلف الخامسة بأن يحلف بالله أن لعنة الله تنزل به إن كان من الكاذبين.
والمرأة ينزل عليها العقاب ، وما حده القرآن الكريم ، فتحلف أربع مرات إنه لمن الكاذبين ، وتحلف الخامسة بأن عليها غضب الله إن كان من الصادقين.
وأن التحالف إن تم على هذا الوجه رفع عن الرجل عقوبة القذف ، وهو ثمانون جلدة ، وعن المرأة عقوبة الزنى ، ولقد حكم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك.
ولكنه صلى الله تعالى عليه وسلم فرق بينهما فرقة أبدية ما داما على هذه الحال ، لأن الحياة الزوجية تقوم على المودة ، والمودة تقتضى الثقة بين الزوجين ، وبعد هذا الترامى ، وتكذيب كل واحد لصاحبه ، ذهبت الثقة ولا مودة مع فقد الثقة ، فلا يتحقق معنى الزوجية الذى نص عليه فى كتابه الكريم : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم : ٢١] ، ولا تراحم بين زوجين يشك أحدهما فى صاحبه ، ولا يطمئن إليه.
٢١٢ ـ وإن ما ذكرناه من نصوص القرآن فى الزنى والقذف واللعان ، يتجه بالمؤمن إلى أن يكون طاهرا نزها عفيفا ، ويتجه بالجماعة الإسلامية إلى أن تسودها الفضيلة ، فلا تترامى برفث القول وفسوقه لأن القول يؤدى إلى فعله ، والترامى بالفاحشة يؤدى إلى ارتكابها.
وإن الرذائل لا تنمو إلا فى أجواء فاسدة ، والفضائل لا تخبو إلا فى أوباء الرذائل.
ولعل فساد مجتمعاتنا الحاضرة سببه الترامى بالفحشاء صراحة ، أو بلحن القول إذ يحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الخمر :
٢١٣ ـ ذكرنا حدودا أقيمت لحفظ النفس والمال ، وحدودا أقيمت لحفظ النسل وحفظ البيئة الاجتماعية ، والآن نذكر ما يفسد العقل ، وقد ترك الله سبحانه لنبيه تقدير العقوبة لها وإن كانت الجريمة قريبة من جريمة القذف ومن جنسها ، ولذلك فهم فقيه