العلاقات الدولية فى القرآن :
٢٢٣ ـ القرآن يذكر أن الإنسانية كلها أمة واحدة ، ويقول سبحانه وتعالى فى ذلك :
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢١٣) [البقرة : ٢١٣].
وإن النصوص القرآنية تدل على وحدة الإنسانية فى خلقها وأصلها ، فالله تعالى يقول :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (١). [النساء : ١]
فالرحم بين بنى الإنسان موصولة ، وإذا كانت الألوان مختلفة والألسنة مختلفة ، والأجناس متباينة ، فإن الأصل واحد ، ويجب أن تكون العلاقات مبنية على الأصل الموحد ، لا على التخالف الظاهر ، ويجب أن تبنى الأمور على الجذع لا على الغصون المتفرعة.
ولقد حد الله تعالى فى كتابه الكريم حدود العلاقة الإنسانية ، فقال سبحانه وتعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (١٣) [الحجرات : ١٣].
فبهذا النص يبين القرآن الكريم أن العلاقة التى يجب أن تكون السائدة هى التعارف ، والتعارف تكون معه المودة ، والتعاون وإقرار السلام ، وإحياء التراحم.
٢٢٤ ـ وإذا كان التعارف هو الأصل الجامع للشعوب والقبائل والأجناس ، فالإسلام لازم من لوازمه هو الأساس لكل تعارف ، فلا تعارف يوجب المودة مع الخصام والتناحر ، والتحارب.
ولذلك كان الأصل فى علاقات الدول بعضها مع بعض أو بعبارة أدق العلاقة بين المسلمين وغيرهم فى السلم لا الحرب ، فالمسلم ينظر إلى من يخالفه نظرة الود الراحم ، لا العداوة القاطعة ، ولذلك يقول سبحانه وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا