وكانوا يعتمدون فى فهم القصص القرآنى على السنة الصحيحة ، وعلى تفسير القرآن نفسه بعضه لبعض وكانوا يكتفون بما جاء فى القرآن والسنة ، ولا يزيدون عليه ، لأنه هو الصحيح ، ولا يحاولون أن يعرفوا ما عداه.
ولكن لما دخل فى الإسلام اليهود والنصارى ، وبثوا فى المسلمين ما عندهم من قصص وأساطير ، وجد بين المسلمين من يعنى بالقصص غير مقتصر على القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وظهر ذلك فى آخر عصر الخلفاء الراشدين ، ولم ينظر الصحابة إلى ذلك نظرة راضية أو متغاضية ، بل نظروا إليه نظرة غير متساهلة ، لما قد يجر إليه من نشر أساطير ما أنزلها الله ، وربما أوجدت غياما على معانيه.
لقد ظهرت فى آخر عصر الصحابة طائفة من التابعين سموا القصاص ، وقد جاء على رضى الله عنه وكرم وجهه ، وأخرج أولئك القصاص من مسجد الكوفة ، وكانوا قد انتشروا فى العراق ، فكان رضى الله عنه يمنعهم إلا إذا التزموا فى قصصهم ما اشتمل عليه القرآن ، وما صح فى السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ويروى أنه دخل المسجد ، فأخرج كل من فيه من القصاص ، ووقف عند الحسن البصرى ، فرآه لم يخرج فى قصصه عن القرآن ، والدعوة إلى هدايته.
ومن الموضوعات التى أثر عن الصحابة رضوان الله تبارك وتعالى عليهم كلام فى الكونيات التى اشتمل عليها القرآن الكريم ، وعده الرواة الذين نسبوه إليهم تفسيرا للآيات الكونية ، ونقول فيه أنه لا يؤخذ به على أنه حجة إلا إذا كان صريح كلام الله تعالى ، أو قد ثبت عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بسند قطعى ، أما ما يقال فيما عدا ذلك مما يتصل بالكون ، وخلق الله تعالى ، فإن خالف علما قطعيا لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالكون ، فإنه يرد إلى صاحبه.
التابعون والإسرائيليات :
٢٥٠ ـ التابعون هم تلاميذ الصحابة الذين نقلوا إلى الأخلاف أقوالهم فى التفسير ، وإن ما ذكر على أنه أقوال للتابعين عن الصحابة فيما يتعلق بالأحكام الفقهية مقبول النقل ، ويعتبر نقلهم عن الصحابة حجة عند أكثر الفقهاء على ما قررنا فى اعتبار أقوال الصحابة حجة.
ولكن التابعين إذا قالوا فى الحلال والحرام مفسرين للقرآن برأيهم ، فإنا إذا استثنينا أحمد بن حنبل وبعض المالكية ، فإن باقى الأئمة لا يعتبرون قولهم حجة فى ذاته ، إنما يكون ما أيده من دليل هو الحجة ، ويقول فيهم أبو حنيفة : إذا آل الأمر إلى الحسن وإبراهيم ، فهم رجال ونحن رجال.