هذا هو العمل الذى نعتقد أنه العمل السليم الذى يحقق كل المقاصد من غير أن يتعرض القرآن لعبث العابثين ولهو الضالين.
وإنا نعتقد بل نوقن أن الله حافظ كتابه فى الانتهاء ، كما حفظه فى الابتداء ، إنه عليم قدير.
الغناء بالقرآن :
٢٦٣ ـ تلونا من قبل قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) (١٩). [القيامة : ١٦ ـ ١٩]
هذا النص الكريم يدل على أن تلاوة القرآن بتوجيه من الله تعالى : لأنه سبحانه وتعالى يقول : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ، أى إذا تلونا عليك القرآن ، واستحفظته ، فاتبع القراءة التى علمك الله تعالى ، وهو ما يدل عليه قوله تعالى : (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) أى اتبع طريقة القرآن الذى قرأناه ، ولا تبتعد عنه ، فإن القرآن يراد به القراءة أحيانا ، كما قال تعالى : (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) [الإسراء : ٧٨].
والقرآن فى أصله كتاب كريم مبين ، وعبر عنه سبحانه وتعالى بقرآن إيماء إلى إنه كتاب نزل بنصه وبطريقة قراءته ، وذلك لا يستحفظ باقيا فى الأجيال بمجرد الكتابة ، بل بالقراءة وحفظه فى الصدور متلوا بما علم الله سبحانه وتعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم ، فالنبى عليه الصلاة والسلام فى تلاوته ، إنما يتلو بتعليم من الله تعالى فى مده وغنه ، وتشديده ، وتسهيله ، فإنه إذا نزل على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم نزل متلوا.
وعلى ذلك تكون القراءة الكاملة للقرآن الكريم هى القراءة التى التزمها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأمر ربه وتعليمه ، ولذلك يقول العلماء : إن القراءة سنة متبعة ، لا يصح لمؤمن أن يحيد عن طريقة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ، وقد علم النبى أصحابه هذه القراءة كما علمه ربه ، وعلم الصحابة تلاميذهم من التابعين تلاوة النبى عليه الصلاة والسلام ، وتواترت قراءة النبى الكريم ، كما تواتر القرآن الكريم فكان محفوظا بطريق تلاوته كما كان محفوظا بذاته ، بل إن الفصل بين طريقة التلاوة وذات القرآن الكريم فصل بين متلازمين ، فإن السلف الصالح ، والخلف من بعدهم ما كانوا يعتمدون على المكتوب فى استحفاظ القرآن الكريم ، إنما يقرأ طالب القرآن على مقرئ يقرئه ، ولا يعتمد على مكتوب كتب ، لأن المكتوب قد يجرى فيه التصحيف والتبديل ، أما ما حفظ فى الصدور فإنه لا يعروه تغيير ولا تبديل ولا تحريف.