وإن كل كلمة من كلماته تعطى صورة بيانية ، وكل عبارة تجتمع من كلمات لها صورة بيانية رائعة تصور المعانى كالصورة الكاملة فى تصويرها ، التى تتكون أجزاؤها من صور ، وتتجمع من الصور صورة متناسقة.
وإنه لأجل هذا يصعب على الكاتب أن يأتى بكل وجوه الإعجاز البيانى ولكنه يقارب ولا يباعد.
ولنذكر ستة وجوه نتكلم فيها عسانا نصل إلى تقريب معانى الإعجاز من غير حد ولا استقراء كامل وهى :
١ ـ الألفاظ والحروف.
٢ ـ الأسلوب ، وما يكون من صور بيانية.
٣ ـ التصريف فى القول والمعانى.
٤ ـ النظم وفواصل الكلم.
٥ ـ الإيجاز المعجز والحكم والأمثال والإخبار عن الغيب.
٦ ـ جدل القرآن.
١ ـ ألفاظ القرآن وحروفه
٤٤ ـ قبل أن نخوض فيما اختصت به ألفاظ القرآن الكريم من جمال ودقة وإحكام ، وما اشتملت كل كلمة مع أخواتها وجاراتها من صور بيانية لكل واحدة منفردة ، ثم ما اشتملت عليه مجتمعة من معنى ذلك ، نذكر أن العلماء اختلفوا قديما وامتد خلافهم إلى المتأخرين ، تكلموا واختلفوا فى أساس الفصاحة أو البلاغة ، وهما غير مختلفين فى الماصدق ، وإن اختلفوا فى التعريف اللفظى لحقيقة الفصاحة وحقيقة البلاغة.
قال بعض علماء البيان وعلى رأسهم عبد القاهر الجرجانى المتوفى سنة ٤٧١ ه : إن اللفظ والحروف ليس لهما أثر فى كون الكلام بليغا أو غير بليغ ، إنما الأثر فى مجموع ما يدل عليه النظم ، وشكل النظم ليس هو المؤثر وحده ، إنما تساوق المعانى وتلاقى الألفاظ وتآخيها فى تكوين هذا المعنى المؤثر ، فيقول رضى الله عنه فى كتابه دلائل الإعجاز ما نصه :
«ينبغى أن ينظر إلى الكلمة قبل دخولها فى التأليف ، وقبل أن تصير إلى الصورة التى بها يكون الكلم إخبارا وأمرا ونهيا واستخبارا وتعجبا ، وتؤدى فى الجملة معنى من المعانى التى لا سبيل إلى إفادتها إلا بضم كلمة إلى كلمة ، وبناء لفظة على لفظة ، هل