١٦٢ ـ (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢))
[آل عمران : ١٦٢]
الناس فريقان فريق في الجنة وفريق في النار ، وعبر عن هذا قوله صلىاللهعليهوسلم : (خلق الله الخلق في ظلمة ، ثم رش عليهم من نوره ، فمن أصابه ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه ضل) ، والأمر قضي في الأزل بهدف إظهار الأسماء وممارستها قواها.
والفريق المهدي مرضي ، والفريق الضال قد باء بسخط من الله ، والحق أن الحق جعل الجنة والنار إبراز وجهه الجامع للظلمة والنور ، فبعد التحقق لا يبقى سوى النور الأصيل ، وهو وجهه سبحانه وحده.
١٦٣ ـ (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣))
[آل عمران : ١٦٣]
الدرجات درجات الأسماء ، وتبدأ بأسماء الذات كالحي والقيوم ، وأسماء الصفات مثل العليم والسميع والبصير ، وأسماء الأفعال مثل الخالق والمصور والرزاق ، فأسماء الذات هي في أعلى الدرجات ، ثم تليها أسماء الصفات ، ثم أسماء الأفعال التي يشترك فيها الحق والخلق ، والتقسيم محدد أيضا منذ الأزل بهدف الظهور ، والناس مظاهر الأسماء يشاركون في فعل بعض الأسماء ، في حين يبقى بعضها الآخر مثل أسماء التنزيه خاصة بالله وحده ، فللناس نصيب من هذا الظهور ، وهم الظهور ، لذلك كانوا أيضا درجات عند الله.
١٦٤ ـ (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤))
[آل عمران : ١٦٤]
تحدثت الآية عن العلم والتعليم ، والله ما خلق الناس إلا ليعبدوه ، وبالتالي ليعرفوه ، وحكمته هذه اصطفت من الناس علماء ومتعلمين ، أما العلماء فهم الأنبياء والأولياء العارفون ، وأما المتعلمون فهم طالبو الحقيقة في كل زمان وإلى هؤلاء أرسل الله الرسل.
وقوله : (بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فيه لطيفة ، فحقيقة النبي صلىاللهعليهوسلم وجهه سبحانه الأول ووجهه الظاهر ، أما وجهه الأول فهو الروح ، وهو روح النبي ، والنفوس الجزئية صادرة عن هذا الروح الذي له وجه التعين الذي هو الوجه الباطن وهو النفس الكلية ، والأسماء كلها تسميات لمسمى واحد هو الحقيقة الإلهية ، فالرسول قبل التعيين هو النفس الكلية ، لذلك قيل : إنه حقيقة كل نبي بعث منذ آدم وشيث وإدريس ونوح وإبراهيم وما تلا من أنبياء ، فالرسول من وإلى ، من النفس الكلية وإلى النفوس الجزئية الصادرة من النفس الكلية ، فالأمر واحد وغايته إظهار مكنون العلم.