الأرض عند ما يرد الإنسان الأسماء إلى الله ، أما إذا لم يفعل فمصيبته احتجابه بنفسه وصفته وفعله عن رؤية الله وصفاته وفعله.
٦٣ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣))
[النساء : ٦٣]
القول البليغ المجادلة بالتي هي أحسن ، إذ أن منطق الكفار والمنافقين ضعيف ، ولا أساس له من الصحة ، فما لم يرد الوجود إلى خالق مصور حكيم فإنه لا تبقى من ثم قاعدة يستند إليها العقل البشري في تجريده وتحليله واستنتاجه.
٦٤ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً (٦٤))
[النساء : ٦٤]
في قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ) [البقرة : ال] حديث عن المشيئة الإنسانية وتذبذبها بين الخواطر ، والقلب بين الخواطر حائر ، ويقول الإمام الغزالي : إن انجزام الإرادة أمر منوط بالله تعالى ، فهو وحده الهادي المضل.
٦٥ ـ (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥))
[النساء : ٦٥]
الشجار شجرة الأسماء ، ولهذا قال ابن عربي إن الشجرة الوارد ذكرها في القرآن من شجر ، والشجار قديم قدم الأسماء ، ولحكمة جعل الله التناقض في الوجود ، وقوله حتى يحكموك يعني رد قدم التناقض إلى أصل واحد تفرع منه التناقض وهو الروح الكلي الذي له الوجهان الظل والنور ، السلب والإيجاب الهدى والضلال ، وإذا لم يرد الصراع إلى واحد له الوحدة الجامعة ضاع الإنسان في متاهات لا أول لها من آخر ، ولم يفز بحكمة هي بعد الكشف حكمة إلهية كما قال سبحانه : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة : ٢٦٩].
٦٦ ، ٦٧ ـ (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (٦٦) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (٦٧))
[النساء : ٦٦ ، ٦٧]
قتل النفس قبول التضحية الإبراهيمية بها ، وهو شرط لحدوث الكشف ، والخروج من الديار الخروج من القلب وخواطره وردها إلى الله جبار الخواطر ، والناس عند الامتحان شديد والتعلق بأنفسهم وخواطرهم ، وقليل منهم المجاهد الحقيقي الذي يشري الله نفسه وماله.