سورة المائدة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١))
[المائدة : ١]
بهيمة الأنعام مثل الروح الحيواني ممثل اسمه تعالى الحي الذي جعل لابن آدم مطية ووسيلة لتحقيق مآربه.
وقوله : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) يعني حبس القوى الحيوانية وذلك في الإحرام ، وهو في علم الباطن دخول الخلوة وعدتها أربعون يوما وليلة ، وقوله : (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) يعني أن حكم الله نافذ قضاء وقدرا ، علم الإنسان ذلك أن جهل ، لأنه ليس في الكون إلا حكم الله النافذ.
٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢))
[المائدة : ٢]
الحديث عن الخلوة وآدابها ، وأولها الإمساك عن الصيد ، أي الكف عن المحاربة ، وذلك بعد وصول السالك إلى حرم الصفات الإلهية حيث لا إذن بالقتال ، لأن دور الجهاد ينتهي عند الحرم ، إذ الصفات كلها متقابلة ومتضادة ، ومزدوجة ومنفردة ، كلها لله عزوجل ، وما كتب الله القتال على المسلمين إلا لحكمة غايتها الوصول إلى حرم الصفات حيث تبدأ مرحلة أخرى هي مرحلة اليقين أي المكاشفة.
وقوله : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) يعني العودة من المحو إلى الصحو ، ومن الجمع إلى الفرق ، وفيها العودة إلى الحياة الطبيعية نفسها حيث لا بد من محاربة الأسماء بعضها لبعض من جديد ، إذ أن قواعد هذه الأسماء تقتضي هذه الحرب الأبدية لتكون ينبوعا دائما لظهور المعقولات ، فحكم المعقولات نفسها قائم على المحاربة ، ولا وجود لها ولا ظهور إلا بالتناقض أي بالقتال.
٣ ـ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ