الفيلسوف كروتشه : فإن الطبيعة خرساء والشاعر هو الذي يجعلها تنطق ، فلو لا شعور الشاعر ما قيل في الجمال ما قيل ، فالأصل الإنسان الذي هو صورة إلهية ، وقيثاره إلهية ، ثم يأتي دور الطبيعة المفتقة بكسر التاء وفتحها.
وقوله : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) إشارة إلى المفاهيم المحصلة من التجريد بالتفكير في خلق السموات والأرض ، وعلى المسلم أن يذكر اسم الله على هذه المفاهيم لأنها كلها إلهية فهي من أسماء الله ، وكل ما هو ظاهر له اسم باطن ، إذ ما ظهر منه إلا هو ، والهو ما تراه العين في العيان ، وهذه الإعادة للعارية هي التقوى ، أي أن يتقي الله حق تقاته ، فهو سريع الحساب ، وسرعة الحساب نتيجة حتمية ، فمن لا يرد عارية الله إلى الله يحجب ، فيكون من أهل البعد والحجاب وهو العذاب.
٥ ـ (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٥))
[المائدة : ٥]
الكلام عن الفتح كما سبق القول ، والفتح رباني جامع إنساني غير خاص بأمة دون أمة إلا الأمة المسلمة ، بمعنى أن المسلم هو من أسلم وجهه لله كائنا من كان من الأمم ، إذ العبرة في النية ، وأخناتون أسلم وجهه لله وهو مستغرق في تأمل الشمس ، فهو رأى الشمس آية وليست في حد ذاتها إلها يعبد.
وتبادل المعلومات في الكشوف هو ما أشارت إليه الآية قائلة : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ،) ولقد أثبت علم التاريخ أن الكشف كان واحدا ، وتم على أيدي موحدين في الوثنية اليونانية أمثال الغنوصيين والفيثاغوريين وجالينوس الأخلاقي وأفلاطون ، فالتوحيد دين عالمي أثبتت وجوده الاكتشافات الأثرية مثل اكتشافات إيبلا التي أثبتت أن الإله إيل هو الرب الأعلى للناس جميعا ، وقد كان معبودا منذ الألف الثالث قبل الميلاد ، بمعنى أن التوحيد كان موجودا منذ بداية التاريخ وانتقل عن طريق العموريين الهكسوس إلى مصر ليصبح عقيدة أخناتون في القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا