وصحابة رسول الله الذين بشر عشرة منهم بالجنة ... فهم خالدون يظهرون في كل زمان ومكان ليكونوا عونا للأنبياء أصحاب الرسالات ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله) وقال : (لو كان نبي بعدي لكان عمر).
١١٢ ، ١١٥ ـ (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣) قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (١١٥))
[المائدة : ١١٢ ، ١١٥]
المائدة سماوية وطعامها سماوي ورمزها العلم الإلهي ، والمائدة علميا مستديرة ، لأن الكون كله كروي مستدير ، وهذه المائدة لها مركز كالدائرة هو الحق سبحانه ، ولهذا المركز إشعاع يصدر عنه في جميع الجهات هو الروح ، أو العقل الأول ، ويقع هذا الإشعاع الفعال على مرآة مستديرة هي بمثابة مسقط له ومحل ، وتدعى النفس الكلية ، وسميت في الحديث الشريف حوضا فهي الحوض الجامع ، وهذه النفس شفافة من جهة الروح ، كثيفة من جهة المادة ، فهي الجسر بينهما.
والنفس ذات أسماء هي بمثابة تكثرها ، والأسماء المعقولات أو الكليات أو المثل ، فوجه الشفافية من النفس هو عالم المثل كما سماه أفلاطون ، ودمج أرسطو الصورة بالمادة وقال : لا وجود للصورة بلا مادة ، ولا مادة بلا صورة ، فالنفس على هذا حامل العالم الحسي ، وهو حاملها ، ولا انفصام بينهما.
والكليات كليات من جهة الشفافية ، وجزئيات من جهة الكثافة ، وقال أفلوطين : إن هذه العوالم الثلاثة الروح والنفس والعالم متشابكة مرتبطة ، وصفها سبحانه بعد ما ردها جميعا إليه فقال : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) [الحديد : ٣] ، فكل إنسان مظهر الألوهية ، فيه الروح الفاعل ، وفيه النفس المنفعلة ، وهو ممثل اسم ، أي صفة ، فهذا بمثابة العين أو القضاء والقدر.
هذه الدائرة هي ما كشفها المسيح للذين سألوه إنزال المائدة فأبان التوحيد وشرح علمه ، ولهذا كان المسيح إمام أهل الباطن ، وكانت النصرانية تمثل علم الباطن باعتبارها وصفت هذا الباطن أي العلم الباطن للألوهية ، وسميت سورة المائدة في القرآن المائدة ، وفيها رد ذكر المسيح وأمه مرارا ، ومدخل السورة كله مجاهدة وجهاد ، لأنه المدخل إلى علم الباطن ، وما