وهذا ملخص فلسفة أرسطو.
والنفخ الإسرافيلي دائم لأن عملية نسج الحياة من الصورة والمادة متجدد في كل لحظة ، وهو يدخل في نطاق القيومية الإلهية ، وهو من فعل اسمه تعالى الحي ، فإسرافيل ممثل قوة الخلق الإلهية ، وهو جسر بين البطون والظهور ، وهو مظهر اسمه تعالى العليم ، ولهذا جاء في الآية : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ).
٧٤ ـ (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤))
[الأنعام : ٧٤]
الأصنام مظاهر الصفات ، أي الناس أنفسهم ، فكل صنم رمز لصورة ظاهرة ، هكذا يوسوس الشيطان للإنسان ليجعل من كل ظاهر صنما يعبد ، وإبراهيم عليهالسلام لم يقتنع بهذه المظاهر المتبدلة الفانية والقائمة بغيرها ، إذ رآها قادمة من العدم ، وصائرة إلى العدم ، وهي بين العدمين ضعيفة وإن بدت ذات قوى وإمكانات.
٧٥ ـ (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥))
[الأنعام : ٧٥]
ملكوت السموات والأرض الخواطر ، فالله حين يريد بعبد خيرا يعرفه نفسه ، ولهذا كتب على باب معبد دلفي في اليونان : إعرف نفسك ، وقال سبحانه : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٢١) [الذّاريات : ٢١] ، فالله في النفس فهو الذات الخفية الموحية الملهمة ، فإذا ضاء نور الهدى أحس الإنسان الانشطار بين أناه والذات الإلهية من جهة ، وأناه والذات المظلمة من جهة أخرى ، فبلغ مقام القلب ، والقلب من التقلب ، فبدأ التفكير في خلق السماوات والأرض.
٧٦ ، ٧٨ ـ (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨))
[الأنعام : ٧٦ ، ٧٨]
قال الإمام الغزالي : المراد بالكوكب والقمر والشمس التي رآها إبراهيم أنوار هي حجب الله ولم يرد هذه المعروفات ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه البصر من خلقه).
فما الحجب التي رآها إبراهيم؟ أولا رأى الكواكب ، والأرض كوكب ، والأرض مثل البدن للإنسان ، فأول حجاب رآه إبراهيم كان جسده ، فلما صرف عينيه عنه رأى القمر ، ووصف