سورة الأعراف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (المص (١))
[الأعراف : ١]
الألف الروح الفاعل في الوجود عامة ، وفي قلب الإنسان خاصة ، واللام انبساط هذا الوجود الذي كان ذرا ، أي سديما ، ثم تكثف ، والميم إشارة إلى مركز الدائرة الحاكمة في الملكين ، إذ لا دائرة وجودية غيرها ، والصاد الملائكة الصافات وهي المعقولات المشعة عن شمس الذات بلا توقف.
٢ ـ (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢))
[الأعراف : ٢]
الحرج الصعوبة التي وجدها النبي بعد نزول آيات الله عليه ، إذ القول الإلهي ثقيل ، وشبه وحيه عليهالسلام بصلصلة الجرس كما أن ما يأمر به الوحي لعظيم ، فالرسول كان إنسانا عاديا يتجر في مال زوجه خديجة ، وكان من عادته التحنث في غار حراء لما نزل الوحي عليه ، ثم بدأت الآيات تتلى ، وما كلف به النبي لعظيم ، والمتتبع لسيرته عليهالسلام ، وما لقيه من عذاب وعنت على أيدي قومه لشديد ، حتى أنه لجأ من أذى قريش إلى الغيران القريبة من مكة ، ومكث فيها حينا من الدهر ، حتى بلغ به وبأهله الجهد ، وماتت خديجة مما عانت ، ثم كانت هجرة المسلمين إلى الحبشة ، ثم هجرة النبي وأبي بكر إلى المدينة ، ثم خروج النبي إلى الجهاد ، فما عاناه النبي لعظيم تخر له الجبال هدا ، ولو لا أن الله شد أزره وكان معه ومع المسلمين لما استطاع الرسول القيام بما أمر به ، ولما كتب للإسلام النجاح.
٣ ـ (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٣))
[الأعراف : ٣]
اتباع من دون ما أنزل الله اتباع خواطر النفس أولا ، وهي داعية إلى الشح والمحافظة على النفس والركون إلى الراحة وتحقيق النجاح المادي الفردي ، وهذا كله وما أنزل الله وما يطلبه الرحمان من الإنسان نقيضان لا يجتمعان.
٤ ـ (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤))
[الأعراف : ٤]
القرية البدن ، وإهلاكها إعمارها بالحق ، ذلك لأن هذا الهلاك له لطيفة أشار إليها الحق سبحانه في قصة لقاء موسى والعبد الصالح لما ركبا السفينة ، فخرقها العبد الصالح ، والقرية هي السفينة ، إذ كلاهما مركب للروح والقلب.