وقوله : (فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً) يعني مجيء أمر الله ، ووصف هذا الأمر بالبأس لشدته وعظمته ، والبيات الليل الذي هو إشارة إلى عالم المادة وكون القلب في أسر عالم الفساد ، وقوله : (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) يعني كون القلب في التقلب ، إذ القيلولة حال وسط بين نوم الليل ويقظة النهار.
٥ ـ (فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٥))
[الأعراف : ٥]
قوله : (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) يعني انكشاف الحقيقة لصاحب الكشف فإذا هو يعترف بأنه ظالم ، أي ظالم لنفسه لما ادعى ملكيته لها أو ملكيتها له ، ونفى أن يكون عندها الكنز العلمي الذي أشار إليه العبد الصالح بأنه مدفون تحت جدار البدن.
٦ ـ (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦))
[الأعراف : ٦]
الإشارة إلى دين التوحيد ، وهو قديم قدم الإنسان نفسه ، ويرجع إلى زمن آدم أبي البشر ، وتدل الدراسات التاريخية والأثرية على أن الأنبياء جميعا دعوا إلى التوحيد والإيمان بإله واحد ، وأن الناس حرفوا الكتب السماوية ، وجعلوا من الدعوة الوحدانية دعوة إلى عبادة الشركاء من المظاهر والصفات.
والسؤال الوارد في الآية هو بين حق وخلق ، أو قل هو حق وخلق ، فمن غيره موجود حتى يكون ثمة غيره؟ فالذين أرسل إليهم هم وجهه الظاهر ، وهو هنا كثير ، فيكون الحديث منه إليه ، أي من وجهه الباطن إلى وجهه الظاهر ، أي من الفكر الكلي إلى الفكر الجزئي ، أي من روح الروح إلى الروح ، وإذا عكست الآية يكون المرسل إليه هو المرسل ، وإلى هذا أشارت الآية بسؤال الجانبين ، أي شطري الذات الباطن والظاهر ، ولتأويل الآية بقية تأتي في حينها لنعلم القصد من الإرسال والسؤال باطنا وظاهرا ، وما معنى كونه تعالى الظاهر والباطن.
٧ ـ (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ (٧))
[الأعراف : ٧]
معنى : (وَما كُنَّا غائِبِينَ) الخطاب الموجه من بطنان الذات الجزئية ، وبهذا الاعتبار ما خوطب النبي إلا من ذاته ، وهذا ما حدث لموسى لما نودي من جانب الطور الأيمن ، أي من اليمين.
ومعنى : (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ) كون الحق العلم والعالم والمعلوم ، فالأمر حضرة مرتقة تقتضي تفصيلا ونشرا ، فما بعد صفة الحي للذات مباشرة سوى العلم ، فهو سبحانه حي عالم ، أي هو وجود علمي يريد تحقيقا وتعرفا به وتعرفا إليه.
٨ ، ٩ ـ (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ