سورة الأنفال
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١))
[الأنفال : ١]
الأنفال العلوم المحصلة من الخارج ، وكونها لله والرسول يعني الاستعداد للدخول في فلك الأنوار حيث يتم استخدام المعقولات الحسية وفق أسلوب جديد يسمى تعبير الرؤيا وتأويل الأحاديث ، فيصبح من ثم العالم عارفا بالله والعارف محققا.
وقوله : (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) يعني الدعوة إلى الدخول في الرحمة الإلهية ، حيث ينتفي التضاد ، وينام الحمل في أحضان الذئب ، بعد أن يطلع السالك المراد كشفا وذوقا على شمس الوصول ، حيث الأنا تصير نحن والنحن هو ، والهو أنا ، فلا تضاد عند الوصول إلى عين اليقين ، وسمي من ثم برد اليقين.
وإصلاح الذات الجمع بين شطري الذات المتضادين ، فبنو آدم مشطورون ذاتيا بين خواطر الأسماء ، حتى يأذن الله في انبلاج صبح اليقين ، فإذا القرين ، قد أسلم كما أسلم قرين الرسول ، وإذا الشيطان قد عاد إلى ربه قائلا : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) [إبراهيم : ٢٢] ، وإذا الكل في العين في سلام آمنين ، فلا جنة بعد جنة القرب سوى جنة السّلام ، وسمي مدخلها باب السّلام ، وجعل في مكة الصدر ، والواصل إلى هذه الجنة بعد الدخول من باب توحيد الضاد هو الفائز بعقبى الدار ، وهو المنعم بالأنوار.
٢ ، ٣ ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣))
[الأنفال : ٢ ، ٣]
قوله في وصف المؤمنين : (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) يعني الخوف الذي يحس به السالك لدى وصوله مطالع الذات ، حيث يسد جبريل الروح الأمين هناك أفق تلك الذات ، ولا يبقى إلا الذات نفسها فلا نفس ، ولا قلب ولا اسم ولا رسم وليس ثمة إلا الله.
٤ ـ (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤))
[الأنفال : ٤]
الدرجات سلم المعارف ، وأوله الإسلام وهو قبول القلب نور الندم والتوبة ، ثم الإيمان وهو الكلمات التي تخطها اليد النورانية في القلب كما قال سبحانه في موضع آخر في وصف