سورة التوبة
١ ، ٢ ـ (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢))
[التوبة : ١ ، ٢]
سورة التوبة السورة الوحيدة في كتاب الله التي لم تبدأ بالبسملة والسبب أن البسملة فيها الرحمة الرحمانية والرحمة الرحيمية ، ولهذا قال ابن العربي : إن مآل الجميع إلى الرحمة ، وفي الحديث القدسي : (ورحمتي سبقت غضبي).
وسورة التوبة تجاوزت البسملة لأنها كانت بداية إطلاق إشارة الصراع الوجودي المتمثل في المجاهدة بين المؤمنين والكفار إيذانا ببدء المعركة ، وترى الفلاسفة والعلماء والأدباء المعاصرون أن الحياة كلها معركة ، وهذا هو جوهر فلسفة الديالكتيك الألمانية الشهيرة التي كان زعيمها هيغل ، والتي ورثها عنه الفلاسفة الملحدون أمثال ماركس وأنجلز ، والوجوديون الملحدون ، وعلى رأسهم سارتر ، وفي العهد اليوناني قال هيراقليطس : إن الحياة ديالكيتك وإن كل شيء فيها يسيل والملاحظ في تاريخ العلوم ، وفي تاريخ التاريخ ، أن الصراع سمة الحياة ، ومجد هيغل هذه الظاهرة ، وقال إنها جوهر الحياة ، وإنه لا حياة بلا صراع.
٢ ، ٤ ـ (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢) وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣) إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤))
[التوبة : ٢ ، ٤]
قوله : (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) إشارة إلى اليوم الجامع ، وهو بلوغ عرفة ، أي بلوغ المعرفة وتحقق الحاج بها ، ويرى الحاج في ذلك اليوم ، والركب كثير والحاج قليل كما قال عمر ، يرى كيف يكون الناس سكارى وما هم بسكارى ، ويرى المغضوب عليهم كيف غضب الله عليهم ، ويتحقق من هذا الغضب ، كما يرى المرحومين وكيف رحموا ، وهو مشهد مهيب عظيم آسر جامع يجعل الحاج الهابط من عرفات كيوم ولدته أمه.
٥ ـ (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥))
[التوبة : ٥]
المشركون الخواطر السوء الداعية إلى الكفر وإتيان الشهوات وواجب المؤمن محاربة هذه