سورة يونس
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١))
[يونس : ١]
كل سورة تبتدئ بحرف هي مدخل إلى علم الحرف ، وهو علم فك المعقولات من عقالها بعد الطي والرتق ، فالحروف مدخل إلى الانتشار الكوني وبدء تفتق الروح نفسه في عالم هو التكثر ، والحروف أشارت إلى هذا الفتق ، إذ الألف هي البادئة والفاعلة في التفتق ، وهي بدء تحرك الأسماء وتحريكها ، ولهذا حذفت الألف من البسملة ... واللام بدء انتشار الأنوار الذرية التي ثبت علميا أنها كانت سديما أول انفجر فكون الأجرام ، والملاحظ في اللام أنها شبيهة بالألف مع انبساط قعرها حتى أشبه الحوض ، والحوض هو العرش النوراني الذري الذي هو قوام العالم الخارجي ... والراء من الرأي والرؤيا أي مقام العارف المحقق الذي رأى رأي البصيرة أن الحق هو الخلق ظاهرا ، وأن الخلق هم الحق باطنا ، وأن ليس ثمة إلا الله في هذا الظهور الإلهي السرمدي.
٢ ـ (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢))
[يونس : ٢]
الإشارة إلى صاحب الرؤيا ، وهو ههنا النبي عليهالسلام الذي هو تجسيد وتعين الروح القديم صنو الحق ومرآته وأداة فعله وتكثراته.
والوحي الصلة الإلهية بين العبد ، المصطفى وربه ، والوحي هو صاحب الحجب الذي قال فيه عليهالسلام : (إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل من أدركه البصر من خلقه) ، فما من مخلوق إلا ويوحي إليه ، ولهذا قال سبحانه : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)) [الشّورى : ٥١].
فالوحي درجات وكلها من الحجاب ، فكل إنسان يوحى إليه ولكن من وراء حجاب هو حجاب الاسم أو حجاب الصفة ، وتذهب الأشاعرة والصوفية إلى درجة الفعل أيضا ، فيقولون إن الله هو الفاعل بواسطة جوارح الإنسان وشعار هذا الفعل قوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧].