الرسل الأفكار الغازية عقل الإنسان. وعدم وصول هذه الأيدي إلى العجل معناه أن الفكرة لا يمكنها أن تتحول إلى فعل إلا بواسطة النفس الحيوانية نفسها ، لأن الفكرة عقل خالص ، والعقل الخالص من دون نفس حيوانية هي سر الحياة وقوامها ومحركها ، لا يمكنه أن يظهر ... ولهذا خلق الله الإنسان ليظهر به ، إذ كيف بمقدور الله أن يتكلم لو لم يخلق الإنسان ويكلمه وحيا وإلهاما ، ثم يجعل الإنسان بدوره يتكلم؟
فالإنسان الواسطة لظهور العقل الصرف الخالص الذي هو صورة الحق سبحانه وعلمه وقوته.
٧١ ـ (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١))
[هود : ٧١]
امرأة إبراهيم النفس ذاتها أو حواء ، وضحكها فرح النفس بظهور اليقين عن طريق اتحاد الخواطر في خاطر قهار واحد. والبشرى بإسحاق ويعقوب التبشير بمكانة النفس عند الله ، وما سيتحقق لها من مكانة وغنى فالأمر بمثابة ولادة جديدة للنفس رمز إليها بالبعث ، وأشير إليها بإسحاق ويعقوب ، أي المكاشفة ثم المشاهدة.
٧٢ ـ (قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢))
[هود : ٧٢]
سؤال النفس الرسل أن كيف ستلد علما جديدا ويكون لها فتح مبين ، وهي التي قضت عمرها في طلب العلم فحصّلت ما حصلت ومع هذا فلقد ظلت محدودة العلم وثمة سدود مضروبة دون الغيوب.
وقوله : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) يعني الفكر الذي هو زوج النفس ، فلقد سبق أن قلنا إن الإنسان زوجان كما قال سبحانه : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) [الأعراف : ١٨٩] ، فالإنسان وليد آدم وحواء النفس الحيوانية وحواسها.
٧٣ ـ (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣))
[هود : ٧٣]
الجواب الإلهي أن رحمة الله قريب ، وهو خلق الإنسان ليعلمه علما طبيعيا تجريبيا وتجريدا ، ثم يصطفي من الناس أهل البيت ليمن عليهم بعلم الغيب الإلهي. وأهل البيت أهل القلب المصطفى ، إذ البيت رمز القلب الموجود في الصدر
٧٤ ، ٧٦ ـ (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦))
[هود : ٧٤ ، ٧٦]