سورة الرعد
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١))
[الرعد : ١]
بدئت السورة بأحرف ألف لام ميم راء ، والملاحظ أن حرف الميم قد زيد على ما بدئت به بعض السور السابقة ، كما أن هذا الحرف هو الذي جاء في سورة البقرة بعد الألف واللام ، وكنا قد فسرنا حرف الميم بأنه إشارة إلى اسمه سبحانه العليم وذلك في سورة يوسف ، ولما كانت سورة يوسف قد قصت علينا قصة هذا الاسم العظيم ، فإننا واجدون في هذه السورة ما تبع قص القصة. فنحن هنا قد بدأنا مرحلة فتق العلم نفسه ، ولهذا سميت سورة الرعد ، والرعد هو نتيجة تصادم شحنات كهربائية موجودة في السحب والإشارة إلى بدء انتشار العالم الذري المادي من العالم النوراني الطيفي .. كما أن فيه إشارة إلى دورة تجلي الاسم العليم نفسه الذي هو الإنسان الكامل ، ولهذا نجد في الآية ذكر الكتاب وآياته والحق الذي أنزل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢))
[الرعد : ٢]
السموات عالم الغيب والروح ، والعمد الركائز المركوزة في الأرض للتثبيت كقوله تعالى في وصف عمل الجبال : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧)) [النّبإ : ٧] والمعنى أن عالم الغيب والروح ليس بحاجة إلى عالم الشهادة إلا للظهور. أما من حيث الفاعلية فهي للروح وهو الأصل ، إذ هو أول صدور عن الله ، ولهذا سميناه إشعاعا ذريا الذي تحدثت العلماء عنه فقالوا إنه تفجر فتكونت منه الأجرام.
وقوله : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) إشارة إلى دور الروح ودور القلب فالشمس هي الروح ، ولهذا سجد أخناتون الموحد للشمس باعتبارها روح الله الظاهر ، وكل ذكر للشمس في الكتاب إشارة إلى هذا الروح الفاعل باعتباره سبب الفعل والفاعلية وتمثله الشمس باعتبارها مصدر الإشعاع ، ولهذا كثر تشبيه الروح أو العقل الفعال بالشمس كما فعل أفلوطين ومن بعده صوفية المسلمين كابن عربي وفلاسفة المسلمين. والقمر هو القلب باعتباره القابل الكلي ، ولما كنا قلنا : إن النفس الكلية هي القابل المنفعل فالنتيجة أن القلب هو النفس الكلية.