سورة الحجر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١))
[الحجر : ١]
القرآن المبين الكتاب المظهر للآيات نفسها ، فالقرآن إشارة إلى الوجود العياني المنفلق من الوجود العيني الروحي ، وما في العالم الظاهري من آيات هي آيات العالم الباطني نفسه.
٢ ـ (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢))
[الحجر : ٢]
في الآية نكتة لطيفة وهي كون الكافرين محجوبين ، ولا يعلمون أنهم محجوبون ، وسر الحجاب فيه ومنه وبه ، فحين يعلن الكافر أن لا إله إلا الله يكون قد أقر بأن أنيته إلهه ، ولما كانت أناه هي الحجاب ، وهي شعاع من الأنا الخالصة ، وأنها هي الحجاب عن الأنا الكبرى ، فالنتيجة أن الكافر حجبته أناه أو عينه أو صفته أو اسمه وكلها من الله ولله ، علم هذا أم جهل ولو علم الكافر هذه الحقيقة لتمنى أن يكون مسلما ، إذ منذا الذي يرضى بأن يحجب عن الحق والحقيقة؟ سبحانه خلق الإيمان والكفر والطاعة والمعصية بقدر ولحكمة يعلمها هو والراسخون في العلم ، قال ابن عربي : الكل طائع وإن كان فيهم من ليس بمطيع مع كونه طائعا.
٣ ـ (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣))
[الحجر : ٣]
قوله سبحانه : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ،) يفيد تحقق الكافر ، بحقيقة كفره وحجابه ساعة الموت حيث يكشف عنه الغطاء فإذا هو أمام ملك الموت الذي يأتيه في صورة تناسب صورته هو ، ولأن الهو الجامع يصبح من طبيعة الأنا الجزئية فإن الكافر يرى عند ذاك الحقيقة ألا وهي كونه شعاعا من الشمس الكبرى ، وأنه لم يكن إلا لها مظهرا.
٤ ـ (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤))
[الحجر : ٤]
سبق أن أولنا القرية البدن ، فهلاك القرية هلاك البدن ، والكتاب المعلوم أمد هذا البدن في الحياة.
٥ ـ (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥))
[الحجر : ٥]
الإشارة إلى الدورة الوجودية الجامعة ، فالأمر خارج داخل ، ظاهر باطن ، فما خرج إلى العيان من العين عائد إلى العين ، والدورة محدودة ولها أجل ، وهذا الأجل مجموع آجال