كما قال سبحانه : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) [يونس : ١٠].
١٢ ـ (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢))
[النحل : ١٢]
النجوم الأعيان الثابتة المشعة عن الحق أزلا وأبدا ، وهي ليست هو وليست غيره ، وقال ابن عربي : بل إنها هو ، وهذه الأعيان صفاته سبحانه ، من دونها ما كان يظهر ولا يعرف ، فظهوره بها وبه ، إذ لو لاه ما كانت ، ولقد انتقدنا فلسفة أفلاطون في كتابنا «الإنسان الكامل» إذ قال : إن الأعيان الثابتة ، أي المثل الأفلاطونية ، لها وجود واقعي خارج عالم العيان ، وكان ردنا أن لا وجود حقيقيا وواقعيا إلا للحي القيوم ، وأن ما يصدر عنه يصدر إشعاعا فإذا كف هو عن الإشعاع كفت هي عن الوجود.
وعليه فالأعيان الثابتة ليست إلا قوى ، تماما مثل أشعة الشمس الصادرة عن الشمس ، والتي لم ير أفلوطين وابن عربي وغيرهما من فلاسفة المسلمين مثلا ينطبق على الحق وصفاته سوى هذا المثال الحي.
وكما أن النجوم تهدي الناس في ظلمات البر والبحر كنجم القطب والثريا ، فإن الأعيان الثابتة هادية للناس ، بل وهي القاهرة فوقهم وعن طريقها يتم تحقيق القهر الإلهي ، إذ العين الصفة ، والصفة تلبس الموصوف وتسيره فلا خروج لأحد يمينا وشمالا على نجمه.
وربطت الفلاسفة وبخاصة اليونانيون الأعيان الثابتة بالنجوم الفضائية ذاتها ، فما ثمة إلا وحدة قيومية ظاهرة في العين والعيان ، إذ الأمر لله في سماء المعقولات وأرض المحسوسات ، ولهذا وجد علم التنجيم بين النجوم والبشر وتأثير النجوم فيهم وفي طبائعهم وأجسامهم وللعلماء المتخصصين أبحاث مطولة في تبيان هذه الصلة ، كما أفرد ابن عربي فصولا كاملة في الفتوحات للحديث عن هذه الصلة.
١٣ ـ (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٣))
[النحل : ١٣]
في كتابنا «الإنسان الكبير» بحث طويل عن الصلة بين عوالم النبات والحيوان والإنسان ، وبيّنا أنه لا يمكن فصل عالم من هذه العوالم عن الآخر ، ولو انفصل لمات هو والعالمان الآخران ، فالله سبحانه ما خلق شيئا عبثا ، فمن أصغر جرثوم إلى أكبر جرم هناك صلة كاملة متكاملة أوضحناها وشرحناها شرحا نفسيا وفيزيولوجيا وبيولوجيا وسماويا وأرضيا مبينين أن ثمة رابطة تربط بين هذه العوالم ، وهذه الرابطة هي الروح الفاعل المعبر عن وجوده بالواحد