سورة الإسراء
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١))
[الإسراء : ١]
السرى السير ليلا ، أي السير في عالم المادة ، لأن الظلام هنا ظلمة الكثافة وعالم الإمكان ، ولهذا جاء في الآية أن النبي قد أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أي من مكان إلى مكان ، ولما كانت الأرض كلها مسجدا طهورا فلقد رمز إلى هذا بالسير بين مسجدين ، وفي كلمة مسجد معنى هو السجود ، فكل ما على الأرض ساجد لله علم هذا أم جهل.
وقوله سبحانه : (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) يعني حدود عالم الإمكان الذي وصف حده الأبعد بالأقصى أي البعيد ، ويمكن أن يكون هذا الأقصى هو ما سمي الربوة التي أوى إليها عيسى وأمه كما جاء في القصة ، والربوة مكان أقرب ما يكون إلى السماء.
وقوله سبحانه : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ،) يشير إلى أن قوى عالم الإمكان هي قوى إلهية ، فما من سامع في هذا العالم ولا من مبصر إلا وهو سامع ومبصر بقوة إلهية ، ولو لا هذه القوى ووجودها في عالم الإمكان ومن فيه من مخلوقات ما كان عالما صالحا للحياة ، ولا استطاع من فيه أن يحيا وفي الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما أسري به ، وعرج به أتي بالبراق وهو دابة فوق الحمار ودون البغل ، والإشارة إلى النفس الحيوانية التي هي مطية الإنسان ، وتسمية هذه الدابة البراق ، يعني أن النفس الحيوانية نفس لطيفة صادرة عن النفس الكلية ، وقد أشير إليها بأنها الحيوان في القرآن ، وقلنا في كتابنا الإنسان الكامل : إن البراق برق ، والبرق كهرباء ، والكهرباء طاقة ، والمعنى أن النفس الحيوانية أسّ الحياة ، وأنها طاقة تتحول إلى موجات مادية ، ولقد ثبت في العلوم الحديثة إمكان تحويل الطاقة إلى مادة ، وتحويل المادة إلى طاقة ، وأكد علماء أن الموجات الكهربائية التي تشكل بنية المادة يمكن أن تكون موجات احتمالية من غير وجود مادي لها على الإطلاق ، وقال علماء مثل أدينغتون وجينز : إن الطبيعة النهائية للكون هي طبيعة عقلية ، أي روحية.
إذن لقد كان العالم المادي هو الحامل للروح المحمدي باعتباره ذا حيز وجهات ، كما أن