رؤاه ومناماته تأويل الأحاديث وتعبير الأحلام وهو في سجن الخلوة.
٨٤ ـ (قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤))
[طه : ٨٤]
حين يتم الكشف يطلق سراح الحواس ، وهذا ما يسمى في الصوفية الجلوة بعد الخلوة ، حيث تعود الحواس إلى ممارسة قواها ونشاطاتها ، ولكن بعد أن يكون الإنسان قد صار عبدا لله ، فالحواس في هذا المقام تصير لله لا للإنسان ، ولهذا سمي الإنسان وهو في هذا المقام عبدا وعبدا صالحا ، وأوتي من ربه الرحمة العلمية.
٨٥ ، ٨٦ ـ (قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦))
[طه : ٨٥ ، ٨٦]
السامري إشارة إلى من يظل يأخذ علمه من العالم الخارجي غافلا عن الكنز الكائن تحت جدار هيكله ، ولهذا رجع موسى القلب المنور بنور التوحيد إلى حواسه غضبان يذكرها بأن قواها لله ، وأن الله وعد الحواس وعدا حسنا وهو العلم اللدني ، ولهذا خلق الله آدم وعلمه الأسماء ، وبشر نبيه بتعلم حقائق هذه العلوم ، ولكن الإنسان خلق عجولا لا يصبر على طعام واحد ، وهو يريد تحصيل علومه من انطباعات العالم الخارجي وحده.
٨٧ ـ (قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧))
[طه : ٨٧]
أوزار زينة القوم الانطباعات الحسية نفسها ، والإنسان أسير انطباعاته وكل ابن آدم أسير غيابة هذا الجب إلى أن يهديه الله ، ويشرح صدره للإسلام أي للتسليم بوجود النور العلمي الهادي الباطن.
٨٨ ، ٨٩ ـ (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً (٨٩))
[طه : ٨٨ ، ٨٩]
العجل إشارة إلى الجسد وقواه ، ووصف بالعجل لأن النفس المادية الحيوانية هي بمثابة النفس الحيوانية التي تكون للحيوان ، والملاحظ أن الإنسان يشابه الحيوان غريزيا ، وأن قوى النفس الحيوانية وقانونها واحد لدى جميع المخلوقات بما في ذلك الإنسان ، فالتزاوج ، وكون المخلوقات جميعا ذكرا وأنثى ، وقوانين الوراثة التي ثبت علميا أنها تمارس دورها عن طريق الصبغيات والجينات ، والنسب وشجرته التي تضم النسل مثل شجرة النسب المعروفة لدى المهتمين بتربية أحصنة السباق ... هذه كلها دائرة مخلوقاتية مدرج فيها الإنسان ، ولهذا عرفت