الاسمين مألوفين في كتابات إيبلا التي تعود إلى ٥٠٠ ٨٠٠ عام قبل تاريخ إسماعيل وداود ، وأمام هذه الظروف الصعبة التي يمر بها التوراة لكتاب تاريخي للعهد القديم ، كان لا بد من توجيه اهتمام أوسع إلى مصادر علمية لا مجال للطعن بها ، هي المكتشفات الأثرية التي يتسع مداها يوما بعد يوم ، للتعرف على تاريخ هذه المنطقة ، فقال جارودي : هل أفهم أن علم الآثار لم يعد يعتمد على المصدر التاريخي للتوراة ، فقلت : مع احترامنا لجميع الكتب المقدسة فإن منطق القرن العشرين يرفض أن نؤرخ حضارة لفلسطين من خلال الوهم والخيال والأسطورة بل من خلال اليقين والعلم والأثر الشخصي.
هذا ما ذكره الدكتور عفيفي عن الاكتشافات الأثرية التي تثبت وتؤكد قوله تعالى أن إبراهيم ما كان يهوديا ولا نصرانيا ولكنه كان حنيفا مسلما.
ثانيا عند ما قال سبحانه : (غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم : ٢ ، ٣] ، ثم تحقق ما قاله تعالى عني هذا أن المستقبل مثل الحاضر والماضي في قبضته تعالى ، وهذه هي حقيقة القضاء والقدر التي تضمنت الماضي والحاضر والمستقبل ، فلئن عد الإنسان بما فيه من أجهزة وفي مقدمتها الدماغ حاسوبا متطورا جدا وقادرا على التفكير ، فالروح الكلي هو ما يسمى الآن حاسوبا مركزيا فيه جميع المعلومات التي أودعه الله إياها عند خلقه.
إن أبحاث برجسون في الذاكرة اعتمدت أبحاث العلماء المتخصصين والقائلة : إن الذاكرة حاسة مدهشة عظيمة ، وإن الإنسان رغم تقدمه الكبير في الزمن الحديث ما يزال يجهل معظم إمكانات هذه الحاسة ، وإنه لا يمارس من طاقاتها إلا القليل ، ودعا برجسون إلى الاستفادة من إمكانات الذاكرة التي أثبتت البحوث الطبية أنه يوجد بالفعل مناطق لهذه الحاسة غنية غنى المناجم ، وأن من ينجح في كشفها واستثمارها يظفر بكنز عظيم ، وقيل : إن طول الحبال العصبية يمكن أن يحيط بوسط الأرض كلها أربع مرات ، وليتصور الإنسان مدى قدرة هذه الحبال على استيعاب المعلومات ، وما تختزنه ، وما يمكن الاستفادة من هذا المخزون.
والله ما خلق الإنسان إلا ليمثل دورا كالذي يمثله الحاسوب الحديث ، ونحن ما ألححنا على ضرورة التعلم والتعلم بالمجاهدة أيضا ، مثلما دعا النبي إلى طلب العلم ولو في الصين ، إلا لكي يتم شحن لوحة الحاسوب بالمعلومات الضرورية للاستفادة منها عند اللزوم.
والإسلام وأعلام التوحيد الإسلامي لا يقولون إن الإنسان يولد متعلما وعند ما قال جبريل للنبي : (اقْرَأْ) قال النبي صلىاللهعليهوسلم : (ما أنا بقارئ) ، لأنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، فتابع الوحي قائلا : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ