سورة الأنبياء
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١))
[الأنبياء : ١]
الحساب بالمرصاد ، وهو قائم باعتبار الموصوف محكوما بالصفة ، فكما أن الأجرام في أفلاكها لها نظامها وحسابها الذي تدرسه العلماء حتى يعلمون ما سيقع بعد مئات السنين في تلك الأفلاك ، كذلك الحق يحاسب الناس مثل هذا الحساب الذي هو في حقيقته خروج ما هو بالقوة إلى ما هو بالفعل.
٢ ، ٣ ـ (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٣))
[الأنبياء : ٢ ، ٣]
الخطاب موجه إلى التعينات الحجب الظلماء من الناس ، وهؤلاء محجوبون أصلا فلا يسمعون صوت الضمير ، وإن استمعوه لا يجيبون ، ونجواهم هي أصلا إلهام الاسم البعيد الذي قضى بإبعادهم فكيف يقربون.
٤ ـ (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤))
[الأنبياء : ٤]
حاسة الروح كلها قوة ، والحواس المادية ظاهرة وباطنة تعمل بقوة الروح ، فالوجود المادي قائم بالوجود الروحي ، ولكن الوجود الروحي لا يقوم بغيره بل بذاته ، وما خلق الوجود المادي إلا لعرض صور وإمكانات الوجود الحق.
٥ ، ٦ ـ (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦))
[الأنبياء : ٥ ، ٦]
الملاحظ في الآية السادسة أن القرية ، وقد أولناها سابقا بأنها إشارة إلى البدن ، قد حكم عليها بالهلاك من قبل أن تسمع صوت الإيمان ، والأمر متعلق بأصحاب الشقاوة المبعدين.
٧ ـ (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧))
[الأنبياء : ٧]
الاستخفاف بالنبوة وظهورها ، علما أن الله ما أرسل إلا أنبياء من البشر مبشرين يوحى إليهم ، فالفرق بين النبي والإنسان العادي هو الوحي ، وكنا تكلمنا عن الوحي ، وقلنا إنه