سورة آل عمران
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (الم (١))
[آل عمران : ١]
الألف الحرف الفاعل في كل اسم ، وهو بمثابة ظهور الحق بالخلق ، فلو لا الحق ما كان الخلق ، ولو لا فعله ما فعل الخلق ، فله الأمر من قبل ومن بعد ، ولما سئل البسطامي عن اسم الله الأعظم قال : هو لا إله إلا الله ، ثم لا تكون أنت هناك.
واللام انبساط الوجود بعد دحي أرض الانفعال لاستقبال الأمر الإلهي ، فالأمر بين الألف واللام ، وهو تحقق فعل كن المستمر في كل ساعة ودقيقة وهنيهة.
والميم التسليم بهذا الفعل الإلهي الوجودي الجامع الذي ظهر الوجود منه وبه وله ، وثمت لطيفة في كون سورة آل عمران تلي سورة البقرة ، فالأولى نزلت في النفس التي هي وجه الله الظاهر ومرآته وصورته كما جاء في الحديث : (خلق الله آدم على صورته) ، فسورة البقرة للاستقبال ، وسورة آل عمران البدء بممارسة الفعل في النفس وبالنفس ، والأمر الإلهي بين ظاهر وباطن ، وهذا السر هو ما أشارت إليه الحروف الثلاثة التي افتتحت بها سورة البقرة ، ثم سورة آل عمران ، فالله سبحانه فض ذاته عن طريق ممارسة الحروف الإلهية فعلها ، أي قواها ، أي معقولاتها ...
٢ ـ (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢))
[آل عمران : ٢]
كل إله صورة ، وتخيلك شيئا هو تخيل إله ، والأصل ، كل الأصل ، المعقولات الإلهية التي لما خرجت إلى حيز الوجود كانت صورا ، ولحكمة فرق سبحانه الناس شيعا ، وجعل لكل منهم شرعة ومنهاجا ، إذ لو لا هذا الخلاف والاختلاف ما تميزت الصور ، ولا ظهرت ، ولا مارست قواها ... فالآلهة كثر باعتبار الصور ، وباعتبار أن العابدين كثر أيضا كثرة الصور .. لهذا السبب كانت نشأة الأديان السماوية وغير السماوية ، كما نشأت عبادة الأوثان والأفلاك وغير ذلك ، والمصور كله واحد باعتبار الحق الموحي ، حاشاه سبحانه أن يصدر خاطر إلا من القبضة الجبروتية الموحية.
ولقد فصل الأمر بين الذات والأسماء ، والصفات ، واقتضى التفصيل وجود اسم الإله باعتبار الصلة الواصلة بين الإله الذي يعبد والمألوه العابد ، فشطرا الحق والخلق اقتضيا وجود وجه عابد ووجه معبود ، ولهذا كثرت العبادات والآلهة المعبودة.