٨٩ ، ٩٠ ـ (إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٩٠))
[آل عمران : ٨٩ ، ٩٠]
المغفرة رفع الحجاب ، وبدء التقريب ، والتقريب رحمة ، والرحمة هي رحيمية خاصة ، إذ ثمة رحمة رحمانية عامة فسرها الحديث القدسي : (ورحمتي سبقت غضبي).
٩١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٩١))
[آل عمران : ٩١]
لا بديل للقرب الإلهي ، إذ بالتقريب وحده تحدث المناجاة كقوله سبحانه : (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) [مريم : ٥٢] ، فالقلب الكافر لا يفتدي بشيء حتى بالذهب ، فالمسألة محصورة في النجوى والتكليم ، وإلا فالقلب في جهنم ، وجهنم من جهنام ، وهي البئر البعيدة القرار كما قال ابن عربي.
٩٢ ـ (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢))
[آل عمران : ٩٢]
بدء الإنفاق الإنفاق المادي وهو وقاية من شح النفس ، لأن من أمسك ماله قد أمسك نفسه أولا ، والممسك نفسه كافر ، بل غافل ، بل ميت ، فالخروج عن المال بداية مد القلب عينه إلى حيث يوجد نور البصيرة.
والإنفاق الثاني الإنفاق الروحي وجزاؤه المحبة ، فليست المسألة متعلقة بإنفاق المال وحده ، فالكلمة الحسنة صدقة ، وكف الأذى إنفاق من نوع آخر ، والعطف على اليتامى والمساكين بدء رفع الحجب عن القلب ، فالإنفاق الروحي هو الحب ، ودين الصوفية هو الحب ، ورائده عيسى عليهالسلام الذي كان نبي المحبة عند ما أطلق شعاره المشهور : (أحبوا أعداءكم).
٩٣ ، ٩٥ ـ (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٣) فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤) قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥))
[آل عمران : ٩٣ ، ٩٥]
لم يطالب الحق بني إسرائيل إلا بالتنازل عن الفعل ورده إلى الله ، وهذه خلاصة التعاليم الموسوية العشرة ، وهذه الخلاصة لا تفعل ، والنهي هنا للتنبيه على الفاعل ، كما قال سبحانه مخاطبا رسوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى)
[الأنفال : ١٧].
أما إسرائيل فهو يعقوب عليهالسلام الذي حرم على نفسه أكل لحم الإبل ، والإبل الناقة ، والناقة