بِالْبَصَرِ)(١) عبّر به عن سرعة إيجاده بأسرع ما يدركه فهمنا ، وتسعه عقولنا. وعليه قوله : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٢). وقوله : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً)(٣) عبّر به عمّا تأمر به النفس الأمّارة المشار إليها بقوله : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)(٤). وقوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ)(٥) يعني القيامة. فعبّر عنها بأعمّ أحوالها من أقوال وأفعال. وقوله : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها)(٦) أي أمرناهم بالطاعة فعصوا. وقيل : معناه كثّرناهم فبسبب ذلك عصوا وفسقوا ، وتنصره قراءة «أمّرنا» (٧) بالتشديد و «آمرنا» بالمدّ (٨). وقد منع أبو عمرو أمرنا (٩) بمعنى التكثير ، مخففا غير ممدود ، وأثبته أبو عبيدة مستدلّا بقوله عليه الصلاة والسّلام : «خير المال مهرة مأمورة وسكّة مأبورة» (١٠) المأمورة : الكثيرة النتاج ، وهي من (أمر) الثلاثيّ. والمأبورة : التي لقحت. والسكّة : حديقة النّخل. وقد حكي : أمرت المهرة بالتخفيف والقصر ؛ فهي مأمورة. وآمرتها بالمدّ فهي مؤمّرة.
وأمر (١١) القوم : كثروا ، لأنهم لما كثروا صاروا ذوي أمر من حيث إنه لا بدّ لهم من سائس. وقيل في قراءة : أمّرنا بالتشديد جعلناهم أمراء ، وسلطانهم آمر عليهم يأمر صار أميرا. وفي الحديث : «آمري جبريل» (١٢) ، أي وليّي وصاحب أمري. وقيل : إن كثرة الأمراء سببب في إفساد (١٣) ...
__________________
(١) ٥٠ / القمر : ٥٤.
(٢) ٨٢ / يس : ٣٦.
(٣) ١٨ / يوسف : ١٢.
(٤) ٥٣ / يوسف : ١٢.
(٥) ١ / النحل : ١٦.
(٦) ١٦ / الإسراء : ١٧.
(٧) قراءة أبي عثمان الهندي وليث عن أبي عمرو وأبان عن عاصم (مختصر الشواذ : ٧٥). وبذلك معناها : سلّطنا.
(٨) قراءة يعقوب (المبسوط : ٢٦٨).
(٩) قصده : لا يقال أمرت بالتخفيف في معنى كثّرت.
(١٠) النهاية : ١ / ١٣. والمعنى : خير المال نتاج أو زرع.
(١١) في الأصل : وأمروا ، ولعلها كما ذكرنا.
(١٢) وفي النهاية : ١ / ٦٦ والغريبين : ٨١ : «أميري من الملائكة جبريل».
(١٣) بياض في الأصل قدر كلمتين.