وأصله من بحث الأرض لمعرفة ما داخلها وإثارة ما كان كامنا فيها. قال الله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ)(١) ، أي يثيرها ويوقع الحفر بمنقاره ، وذلك ليعلّم قابيل كيف يدفن أخاه.
وقيل : البحث : الكشف والطّلب. وبحثت الناقة الأرض (٢) برجلها في السّفر كناية عن شدة وطئها الأرض. والبحاثة : التراب الذي يبحث عما يطلب. والبحثة بفتح الباء (٣) وكسرها لعبة ، وفي الحديث : «أنّ غلامين كانا يلعبان البحثة» (٤). ومن ذلك سمّوا «براءة» سورة البحوث (٥) لبحثها عن أحوال المنافقين.
ب ح ر :
والبحر : أصله المكان المتّسع ذو الماء الملح. وأما العذب فهل يقال فيه بحر؟ فمن أثبته استشهد بقوله : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ)(٦). ومن منع جعله من باب التّغليب ، كقولهم : العمران والقمران ، في أبي بكر وعمر ، والشمس والقمر. ثم اعتبرت منه السّعة في الأجرام والمعاني ، فقالوا : بحرت البعير ، أي شققت أذنه شقّا متّسعا. ومنه البحيرة قال الله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ)(٧) ، ناقة تنتج عشرة أبطن ، فتشقّ أذنها وتهمل فلا تركب ولا يحمل عليها. وقيل : هي الخامسة (٨) وذلك أنّهم كانوا إذا أنتجت الناقة خمسة أبطن فإن كان الخامس ذكرا نحروه ، وأكله الرجال والنساء. وإن كان أنثى بحروا أذنها وشقّوها ، وحرّموا على النساء لحمها وركوبها ولبنها ، فإذا ماتت حلّت لهنّ.
__________________
(١) ٣١ / المائدة : ٥.
(٢) الكلمة ساقطة من ح.
(٣) وفي اللسان بضم الباء ، بينما شابهت النهاية الأصل.
(٤) النهاية : ١ / ٩٩. وهو لعب بالتراب.
(٥) يقول ابن الأثير (النهاية : ١ / ٩٩): «ورأيت في الفائق سورة البحوث بفتح الباء ، فإن صحّت فهي فعول من أبنية المبالغة». والمقصود سورة التوبة.
(٦) ١٢ / فاطر : ٣٥.
(٧) ١٠٣ / المائدة : ٥.
(٨) أي نتجت خمسة أبطن. ولم يذكر الراغب هذا المعنى واكتفى بالعشرة.