وأما في المعاني فقالوا : تبحّر في العلم أي توسّع فيه وتوغّل. وكان يقال لابن عباس الحبر البحر ، لإتّساع علمه. واستعير في عدو الفرس السريع. قال عليه الصلاة والسّلام في فرس أبي طلحة ، وقد ركبه معروريا (١) : «إن وجدناه لبحرا» (٢) واسع الجري. واعتبر من البحر ملوحته فقالوا : أبحر الماء أي ملح (٣). وقال نصيب (٤) : [من الطويل]
وقد عاد بحر الماء عذبا (٥) فزادني |
|
إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب |
وقوله : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)(٦) قيل : الفساد في البرّ قتل قابيل هابيل ، وفي البحر أخذ الجلندى (٧) السفينة غصبا. وقيل : قحوط المطر. وقيل : البرّ : الحضر ، والبحر : البدو. والعرب تسمّي القرى والأرياف بحرا ، قال أبو دؤاد (٨) : [من الخفيف]
بعد ما كان سرب قومي حينا |
|
ولنا البدو كلّه والبحار |
ولما شكا (٩) رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبد الله بن أبيّ (١٠) قال : يا رسول الله اعف عنه ؛ فقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يعصّبوه (١١).
__________________
(١) فرس معرورى : عار. قال ابن سيده : واعرورى الفرس صار عريا ، واعروراه : ركبه عريا ، وروى الحديث : «.. فركب النبي (ص) فرسا لأبي طلحة عريا».
(٢) في الأصل : «وجدته بحرا» والتصويب من النهاية : ١ / ٩٩. على أن المفردات (٣٧) أورد الحديث حسب الأصل.
(٣) الكلمة غامضة ، ولعلها كما ذكرنا.
(٤) البيت من شواهد الراغب وابن منظور مادة ـ بحر والهروي (١ / ١٣٤).
(٥) في المصدرين : ماء الأرض بحرا ، ولعله أصوب.
(٦) ٤١ / الروم : ٣٠.
(٧) الجلندى والجلنداء : اسم ملك عمان.
(٨) ديوان أبي دؤاد : ٣١٦ ، والعجز فيه :
لهم النخل كلها والبحار
(٩) وفي س : اشتكى.
(١٠) في الأصل : عبد الله بن مسعود ، وهو وهم من الناسخ.
(١١) النهاية : ١ / ١٠٠. ويجوز ببتخفيف الصاد. والبحيرة مدينة رسول الله (ص) ، وهي تصغير البحرة. وانظر تحليلا دقيقا في اللسان مادة «بحر».