فصل الباء والعين
ب ع ث :
البعث : أصله الإثارة والتّوجيه ، ومنه بعثت البعير. ويختلف باختلاف متعلّقاته. فبعثت البعير : أثرته ووجّهته للسّير فانبعث. وبعثت رسولي أي أرسلته. ومنه : (لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً)(١)(فَبَعَثَ اللهُ غُراباً)(٢) أي قيّضه ويسّره. وبعث الله الموتى أي أقامهم للحشر. ومنه : (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)(٣).
وقوله : (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ)(٤) أي أيقظناهم ؛ سمّى إيقاظهم بعثا تشبيها للنّوم بالموت وهو الموتة الصّغرى. ومنه : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ)(٥) ثم قال : (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ)(٦)(فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ)(٧) أي أرسلوا.
وقوله : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ)(٨) أي ذهابهم ومضيّهم. وقوله : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا)(٩) إشارة إلى فرط جهلهم حيث سمّوا ما كانوا فيه مرقدا وما كانوا عليه رقادا ، وقد كانوا في آلم الأشياء وأشغلها عن الرقاد ، أو قالوه لأنه مهيّأ للرّقاد.
واعلم أنّ البعث نوعان : (١٠) بشريّ كبعثت بعيري ورسولي. وإلهيّ ، وهو أيضا نوعان : نوع اختصّ به ولم يقدر عليه أحدا (١١) ، وهو إيجاد الأعيان والأجناس والأنواع عن
__________________
(١) ٥١ / الفرقان : ٢٥.
(٢) ٣١ / المائدة : ٥.
(٣) ٣٦ / الأنعام : ٦.
(٤) ١٢ / الكهف : ١٨.
(٥) ٦٠ / الأنعام : ٦.
(٦) تتمة الآية السابقة.
(٧) ٣٥ / النساء : ٤.
(٨) ٤٦ / التوبة : ٩.
(٩) ٥٢ / يس : ٣٦.
(١٠) يرى ابن منظور أن البعث وجهان أحدهما الإرسال والثاني إثارة بارك أو قاعد.
(١١) في الأصل : أحد.