فصل الباء والكاف
ب ك ر :
قال تعالى : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا)(١).
البكرة : هي أصل كلّ ما يتصرّف منها كما سيتّضح. والبكرة : هي أول النهار لمقابلتها بالعشيّ وهي آخره ، وقد اشتقّ منها لفظ الفعل ، فقيل : بكر فلان في حاجته أي خرج بكرة. والبكور : الخروج بكرة. والبكور بالفتح : المبالغ في البكور ، ولتقدّمها على سائر أوقات النهار استعمل منها كلّ متعجّل وإن لم يكن في ذلك الوقت ، فقيل : بكر فلان في حاجته ، وابتكر وباكر مباكرة. ومن ذلك الحديث : (٢) «من بكّر وابتكر» قيل : بادر بالصلاة أول وقتها ، وهذا عامّ في سائر الصلوات. وأصرح منه : «لا تزال أمّتي على سنّتي ما بكّروا بصلاة المغرب» (٣) أي صلّوها عند سقوط القرص. ومعنى «وابتكر» أي : أدرك أول الخطبة.
وقال ابن الأنباريّ : الذي يذهب إليه في تكرير هاتين اللفظتين إرادة المبالغة ، وذلك أنّ العرب إذا قصدت المبالغة اشتقّت من اللفظ لفظة أخرى على غير بنائها ، وأتبعوها لها في الإعراب : فيقولون : شعر شاعر ، وليل لائل. وأنشد (٤) : [من الرجز]
حطّامة الصّلب حطوما محطما
قال : فالحطوم والمحطم بمعنى الأول.
وفي الحديث أيضا : «بكّروا بالصلاة في يوم [الغيم](٥) فإنه من ترك العصر حبط عمله» أي قدّموها في أول وقتها.
__________________
(١) ٦٢ / مريم : ١٩.
(٢) النهاية : ١ / ١٤٨ ، وهو من حديث الجمعة.
(٣) النهاية : ١ / ١٤٨.
(٤) من شواهد الهروي في الغريبين : ١ / ٢٠١.
(٥) فراغ في الأصل ، والإضافة من النهاية : ١ / ١٤٨ ، والحديث مذكور في اللسان ـ بكر.