من أيّ باب شاء من أبواب السماء. فإذا مات انقطع عمله ذلك فتبكي عليه السماء لفقدان ذلك العمل ، وكذلك الأرض لفقدانه من فوقها» وقيل : بل ذلك على مجاز الحذف أي أهلهما (١) وهم الثّقلان من الناس والملائكة. وقيل : بل جاء ذلك على ما كانوا يتعارفونه ، من قولهم في الرجل العظيم إذا مات : بكت عليه السماء والأرض ، وكسفت لموته الشمس. وكذلك بكت عليه الجبال. قال (٢) : [من الكامل]
لما أتى خبر الزّبير تواضعت (٣) |
|
سور المدينة والجبال الخشّع |
وقال (٤) : [من البسيط]
الشمس طالعة ليست بكاسفة |
|
تبكي عليك نجوم الليل والقمرا / |
فصل الباء واللام
ب ل :
بل : حرف إضراب ، وهو نوعان ، إضراب إبطال نحو : ما قام زيد بل عمرو. وهي حينئذ عاطفة ، ولا يعطف بها إلا المفردات ، ويزاد لا قبلها تأكيدا في النفي نحو : ما قام زيد لا بل عمرو. وفي الإيجاب والأمر نفي ، نحو : قام زيد لا بل عمرو. واضرب زيدا لا بل عمرا ولا يعطف بها في الإستفهام. وضرب انتقال. ولم ترد في القرآن إلا كذلك ، ولا يقع بعدها إلا الجمل ، وليست عاطفة حينئذ. ولها أحكام استوفيناها في كتب النحو والإعراب.
وبعضهم يعبّر عنها بأنّها حرف استدراك وإيجاب بعد النفي كالهرويّ. وقال الراغب : بل للتّدارك ، وهو ضربان : ضرب يناقض ما قبله ، وربما يقصد [به](٥) تصحيح الذي قبله
__________________
(١) وفي س : أهلها ، أي أهل السماء وأهل الأرض.
(٢) البيت من قصيدة طويلة لجرير في هجاء الفرزدق (الديوان : ٣٤٥).
(٣) وفي رواية الفراء (معاني القرآن : ٢ / ٣٧) : تهدّمت.
(٤) البيت لجرير في رثاء عمر بن عبد العزيز. والبيت هنا على رواية الأخفش (معاني القرآن : ٢ / ٥٢٢) ، وروايته في الديوان مختلفة الصدر (٣٠٤) :
فالشمس كاسفة ليست بطالعة
(٥) إضافة المحقق.