فصل الباء والنون
ب ن ن :
قوله تعالى : (عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ)(١).
البنان : الأصابع ، سميت بذلك لأنّ بها (٢) إصلاح الأحوال التي يمكن للإنسان أن يبيّن بها. يقال : ابنّ بالمكان يبنّ أي أقام. ومنه البنّة للرائحة التي تبنّ بما تعلق به. وفي الحديث : «إنّ للمدينة بنّة» (٣) ، قال أبو عمرو : هي الرائحة الطيّبة ، / قال الأصمعيّ : هي الرائحة مطلقا. قلت : إنما خصّها أبو عمرو بالطيّبة لخصوصيّة المادّة.
وقال الأشعث (٤) لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : «أحسبك ما (٥) عرفتني يا أمير المؤمنين. قال : بلى ، وإنّي لأجد بنّة الغزل منك» ، قيل : أراد أنه نسّاج (٦). وواحد البنان بنانة على حدّ عزّ وعزّة. قال النابغة : [من الكامل]
بمخضّب رخص كأنّ بنانه |
|
عنم يكاد من اللطافة يعقد (٧) |
وقال آخر (٨) : [من الوافر]
فإن أهلك فربّ فتى سيبكي |
|
عليّ مهذّب رخص البنان |
وللناس على قوله : (عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) تأويلان ، أحدهما أن يجعل أصابعه ملتصقة غير مفترقة ، بل هي كخفّ البعير أو حافر الحمار ، فلا ينتفع بها ، وهو قول أكثرهم.
__________________
(١) ٤ / القيامة : ٧٥.
(٢) في الأصل : لأنها ، ولعلها كما ذكرنا.
(٣) النهاية : ١ / ١٥٧.
(٤) يعني الأشعث بن قيس.
(٥) وفي النهاية (١ / ١٥٧) : ما أحسبك عرفتني ، وهذا أصوب.
(٦) يذكر ابن الأثير في النهاية أن أبا الأشعث كان مولعا بالنّساجة.
(٧) وفي رواية الديوان (ص ٣٥) :
عنم على أغصانه لم يعقد
وما جاء فوق رواية أبي عبيدة. والعنم : شجر يحمّر وينعم ، أو يساريع حمر تكون في البقل.
(٨) البيت من شواهد المغني (ص : ١٣٧) في جواز دخول رب على الفعل المستقبل.