يقول : «وقد حررت هذا في غير هذا الموضوع ـ أو الموضع». وقد يذكر أسماء كتبه للإحالات ، وقد لا يفعل.
ومن واسع علمه أنه كان يشرح بعض الألفاظ ، ويورد من المفردات التي لا نجدها أحيانا في اللسان أو الجمهرة ، مما يدلّ على اعتماده كتبا لغوية غير ما هو مبذول. كما أنه قد يذكر مفردات لم ترد في القرآن الكريم ، ويبرّر ذكرها بضرورات متعددة يعدّدها ، مثل كلمة «بتّ». وهذا ما يجعل الكتاب فريدا مفيدا في شرح الألفاظ العامة ، إضافة إلى شرح ألفاظ القرآن الكريم والحديث النبويّ الشريف.
أما منهجه فإنه يتناول اللفظة القرآنية من الآية التي يبدأ بها المادة المجرّدة ، ثم يذكر الآية ، وبعدها يعمد إلى شرح معانيها كما وردت في القرآن. ثم يتبع ذلك بتقلبات اللفظة واشتقاقاتها واستعمالاتها ، ويبرهن لغة كما يستشهد على ذل ك بالشواهد الشعرية والنثرية. وبعد أن يطمئن إلى إيفاء معاني اللفظة في القرآن ، يعمد إلى بعض معانيها في الحديث. ويكثر عندئذ من رواية الأحاديث من غير إسناد .. مما ينفرد به عن سائر كتب غريب اللغة.
ويستطيع القارىء أن يرجع إلى مطلع الكتاب ليطّلع على فهرسة دقيقة هي من صنعه وتبويبه ، تدل على حصافته وإحصائه. ولا نكاد نرى لفظة في القرآن الكريم إلا أولاها شرحا ودرسا.
بين العمدة والكتب الأخرى :
لم يكن السمين أول من ألّف في غريب القرآن والحديث بشكل خاص أو عام ؛ فقد سبقه الهرويّ والسجستانيّ والفراء والأخفش وشمر وابن الأثير والراغب الإصبهاني ، إلا أنه كان أوسعهم جمعا جميعا ، وأكثرهم شرحا مفصلا. ومع أنه اعترف بمن سبقه ، ومع أنه كان ينقل عنهم ويشير إلى ذلك أحيانا ، إلا أنه لم يعجبه عمل أغلبهم ؛ فقد قال في الورقة الأولى من الكتاب : «غير أنهم لم يتموا المقصود من ذلك ، لاختصار عباراتهم وإيجاز إشاراتهم». وهذا حقّ لمسناه في أثناء تحقيقنا للعمدة ، وسيلمسه القارىء في دراساته ومراجعاته.
إلا أن السمين اعتمد كتاب «المفردات» للراغب اعتمادا يكاد يكون كليا ؛ فقد ابتلعه وهضمه وصبّ نسغه بين ثنايا كتابه. وما ترك لفظة تقريبا إلا نقلها أو علق عليها ، مما يدل على