وأسأت وقد أقلعت ، وهذا هو التّوب (١).
والتّوبة النّصوح في قوله تعالى : (تَوْبَةً نَصُوحاً)(٢) هي ترك الذنب لقبحه ، والنّدم على فعله ، والعزم على عدم معاودته ، وتدارك ما أمكن تداركه ، من ردّ ظلامة ونحوها ، حسبما بينّاه في «الأحكام» و «التفسير» ، وهو معنى قوله تعالى : (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً)(٣). ألا ترى كيف كرّر لفظه وأكّده بمصدره ، وصرّح بالعمل الصالح وضمّن التّوب معنى الإنابة ، فلذلك عدّي بإلى في قوله (فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ)(٤) كقوله : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ)(٥).
فصل التاء والياء
ت ي ر :
قوله تعالى : (تارَةً أُخْرى)(٦) أي مرة أو كرة أخرى ، وهي فيما قيل من تأر (٧) الجرح إذا التأم. وألفها الظاهر أنها عن واو. ويجوز أن تكون عن ياء. وتجمع على ترة ، وهي ترجّح الياء ، وتارات. قال الشاعر : [من الطويل]
وإنسان عيني يحسر الماء تارة |
|
فيبدو وتارة يجمّ ويغرق |
وانتصابها على المصدر. والتّورية تذكر في باب الواو.
__________________
(١) أي الأخير.
(٢) ٨ / التحريم : ٦٦.
(٣) ٧١ / الفرقان : ٢٥.
(٤) تابع الآية السابقة.
(٥) ٥٤ / الزمر : ٣٩.
(٦) ٥٥ / طه : ٢٠ ، وغيرها.
(٧) لم نجد هذا المعنى مهموزا أو مخففا في اللسان ولا الجمهرة ولا التاج. وهو مذكور مخففا في مفردات الراغب (ص ٧٦).