قوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ)(١)(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ)(٢) إشارة إلى كثرة الخير والحسنات ، وإلى قلّتهما. والصحيح أنّ الأعمال توزن حقيقة بأن يجعلها القادر على كلّ شيء جزاء (٣) ما توزن فتثقل وتطيش. وقيل : هو عبارة عن عدل الله وإنصافه ، كما يعدل بالميزان من غير حيف. وقد حقّقناه في «التفسير الكبير».
فصل الثاء واللام
ث ل ث :
الثلاثة والثلاثون : عددان معلومان ، والثّلث والثّلثان (٤) جزءان معلومان. قال تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٥) أي اثنتين اثنتين ، وثلاثا ثلاثا ، وأربعا أربعا. على أنّ الواو بمعنى أو كما وقعت أو موقع الواو كما هو مقرّر في موضعه. وقوله : (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٦) كذلك الواو على بابها أو بمعنى أو. والظاهر أنّها في الآيتين على بابها ، وأنّ المعنى : لينكح بعضكم مثنى ، وبعضكم ثلاث. وكذلك الملائكة بعضهم ذو مثنى وبعضهم ذو ثلاث. ومثنى وثلاث معدولون عن عدد مكرّر. فمن ثمّ منع من الصّرف. وزعم الظاهريون أنه يزوّج بتسع لقوله : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، وذلك لجهلهم باللغة إذ كان يقتضي الظاهر أنه يجوز التزوّج على زعمهم بثمان عشرة امرأة لما ذكرنا من أنّ أصله عدد مكرّر وقد تكلمنا معهم في «القول الوجيز» وغيره.
وقوله : (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ)(٧) أي ثلاث أوقات عورات ، وهي مفسّرة في قوله :
__________________
(١) ٨ / الأعراف : ٧ ، وغيرها.
(٢) الآية بعدها.
(٣) وفي ح : أجزاء.
(٤) ولعلها الثلثات.
(٥) ٣ / النساء : ٤.
(٦) ١ / فاطر : ٣٥.
(٧) ٥٨ / النور : ٢٤.