وقوله تعالى : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ)(١) يريد الكلاب والطيور المكلّبة أي المعلّمة (٢). سميت جارحة لأنها تجرح ما تصيده أو لأنّها تكسبه. والجرح : الكسب. ومنه قوله تعالى : (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ)(٣) / أي كسبتم. وفلانّ جارحة أهله أي كاسبهم. وجوارح الإنسان : ما يكتسب بها والاجتراح : اكتساب الإثم ، وأصله من الجراحة (٤). كما أنّ الاقتراف من القرف الذي للقرفة.
والجرح : مقابل التّعديل ، مستعار من الجلد كما قال :
وجرح اللسان كجرح اليد
وفي الحديث : «قد استجرحت هذه الأحاديث» (٥) أي كثرت وقلّ صحاحها.
ج ر د :
قوله تعالى : (وَالْجَرادَ)(٦).
الجراد : معروف ، واحدته جرادة ، وقد يسمّى بها. وضرب بها المثل في القلّة نحو : «ثمرة خير من جرادة» (٧). ويجوز أن يكون الفعل الملفوظ به مشتقا من لفظه نحو : الجراد جرد الأرض. وبالأرض المجرّدة شبه الفرس المنحسر الشّعر ، والثوب الخلق لذهاب زهوته ؛ فيقال : فرس أجرد وثوب أجرد. «وجرد القطيفة» (٨) على إضافة الصفة لموصوفها من غير تأويل أو بتأويل بحسب المذهبين المعروفين. وبه شبه أيضا التجرّد من الثياب ، فيقال : تجرّد فلان من ثيابه. والمتجرّد : الجسد لأنه يتجرّد عن الثياب. وفي صفته عليه الصلاة
__________________
(١) ٤ / المائدة : ٥.
(٢) الطيور المكلبة : المعلمة فنون الصيد.
(٣) ٦٠ / الأنعام : ٦.
(٤) في الأصل : الجارحة ، ولعلها كما ذكرنا.
(٥) الحديث كما في النهاية (١ / ٢٥٥): «كثرت هذه الأحاديث واستجرحت».
(٦) من الآية : ١٣٣ / الأعراف : ٧.
(٧) لم نجد هذا المثل في المظانّ.
(٨) من حديث أبي بكر : «ليس عندنا من مال المسلمين إلا جرد هذه القطيفة» (النهاية : ١ / ٢٥٧) أي التي انجرد خملها وخلقت.