ج ن ي :
قوله تعالى : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)(١) ؛ المجتنى من ثمرهما قريب. فالجنى مصدر واقع موقع المفعول. وقيل : هو فعل بمعنى مفعول كالقبض والنّقض. والجنى والجنيّ : المجتنى ، هو التمر أو العسل ، وأكثر ما يقال ذلك في الثمر إذا كان غضّا ، كقوله : (رُطَباً جَنِيًّا)(٢). يقال : جنيت الثمرة واجتنيتها وأجنت الشجرة : أدرك ثمارها. وحقيقته : صارت ذات جنى. واستعير من ذلك : جنى فلان على فلان : إذا أصابه بشرّ. وعن عليّ رضي الله عنه : [من الرجز]
هذا جناي وخياره فيه |
|
إذ كلّ جان يده إلى فيه (٣) |
بمعنى أنه رضي الله عنه لم يلتمس شيئا من فيء المسلمين. وأصل المثل لعمرو ابن أخت جذيمة ، وذلك أنه خرج يجتني الكمأة مع رفقته ، فجعل كلّ منهم إذا وجد طيّبا أكله ، وإذا وجد هو الطيّب جناه في كمّه لخاله جذيمة. فلما قالها أرسلها مثلا لكلّ من آثر صاحبه بخير ما عنده.
وفي بعض الأحاديث : «أهدي إليه أجن زغب» (٤) ؛ أجن : جمع جنى ، والأصل أجنى على أفعل ، كما يجمع عصا على أعص ، والأصل : أعصو ، فقلبوا الضمّة في أجنى كسرة لتصحّ الياء ، ثم اعتلّ إعلال قاض. والإشارة بذلك إلى القثّاء ؛ سمّاه (٥) جنى لكونه غضّا ، والمشهور في رواية هذا (٦) «أجر» بالراء جمع جرو وهو القثّاء.
__________________
(١) ٥٤ / الرحمن : ٥٥.
(٢) ٢٥ / مريم : ١٩.
(٣) البيت لعمرو بن عدي كما في معجم الشعراء : ١٠ ، وذكر ذلك ديوان علي : ١٦١ ، فقد تمثّل به عند قسمته لما كان في بيت المال. كما ذكر الكلبي أن المثل لعمرو اللخمي ابن أخت جذيمة وهو أول من قاله.
(٤) وفي س : زغب أجن ، وهو وهم. ويريد بالحديث : القثاء الغض (النهاية : ١ / ٣١٠) ، ويقول ابن الأثير : «هكذا جاء في بعض الروايات ، والمشهور «أجر» بالراء. كما سيأتي.
(٥) الضمير عائد على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٦) يريد : رواية هذا الحديث.