المادة. ولا منافاة بين القراءتين ؛ فإنّها جاز أن تكون جامعة بين الوصفين ؛ حارة ذات طين أسود. ويحكى أنّ معاوية قرأ «حامية» فقال ابن عباس : «حمئة» ، فقال معاوية لابن عمر : كيف / تقرؤها؟ قال : كقراءة أمير المؤمنين. فبعث معاوية إلى كعب فقال : أجدها تغرب في ماء وطين. وكان هناك رجل حاضر فأنشد قول تبّع (١) : [من الطويل]
فرأى مغيب الشمس عند مآبها |
|
في عين ذي خلب وثأط حرمد |
ح م د :
الحمد : الثّناء بجميل الأوصاف ، ولا يكون إلا باللسان ، سواء على نعمة مسداة ، أو (٢) على صفة في المحمود قاصرة عليه بخلاف الشكر ؛ فإنّه لا يكون إلا على نعمة مسداة ، ويكون باللسان والجوارح والجنان ، وأنشدوا : [من الطويل]
أفادتكم النّعماء مني ثلاثة |
|
يدي ولساني والضمير المحجّبا |
فبينهما عموم وخصوص من وجه. وقيل : الحمد : الرّضى. حمدته : أي رضيته ، قاله ابن عرفة. ومنه قوله : «إني أحمد إليكم (٣) غسل الأحليل» قال ابن شميل : معناه أرضى لكم ، فأقام إلى مقام اللام. وقيل : الحمد هو الشكر لقولهم : الحمد لله شكرا. وفي الحديث (٤) : «الحمد رأس الشكر ، ما شكر الله عبد لا يحمده» ، قال الهرويّ : قال المشيخة من الصّدر الأول : الشكر ثلاث منازل ؛ شكر القلب ، وهو الاعتقاد بأنّ الله تعالى وليّ النّعم على الحقيقة. قال الله تعالى : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)(٥). وشكر اللسان ، وهو إظهار النعمة باللسان مع الذكر الدائم لله عزوجل ، قال الله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(٦). وشكر العمل ، وهو آداب النفس بالطاعة ، قال تعالى :
__________________
(١) من شواهد اللسان ـ مادة أدب ، وتفسير غريب القرآن : ٢٧٠. وتبع في هذا البيت يذكر بذي القرنين. كما أن البيت ينسب إلى أمية بن أبي الصلت (انظر الديوان : ٢٦ ، اللسان ـ مادة ثأط).
(٢) وفي الأصل : أم.
(٣) حديث ابن عباس (النهاية : ١ / ٤٣٧). وفي الأصل : لكم.
(٤) النهاية : ١ / ٤٣٧.
(٥) ٥٣ / النحل : ١٦.
(٦) ١١ / الضحى : ٩٣.