من الحطب وهو الفحم ، الواحدة حممة ، كما أنّ واحد الفحم فحمة ، وإلى هذا المعنى أشار بقوله عنهم : (مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ)(١).
والموت : الحمام لأنّه من حمّ الأمر : أي قدّر. والحمّى سميت بذلك لما فيها من الحرارة المفرطة ، وعلى ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام : «الحمّى من فيح جهنّم» (٢) ، وإمّا لما يعرض فيها من الحميم : أي العرق ، وإما لكونها من أمارات الحمام لقولهم : «الحمّى بريد الموت» (٣). وحمّم الفرخ : اسودّ جلده من الرّيش. وحمّم وجهه : اسودّ شعره (٤). وأمّا حمحمة الفرس فحكاية صوت ، وليس من الأوّل في شيء.
ح م ي :
قوله تعالى : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها)(٥) أي يوقد عليها حتى تحمى أي تصير حارة ؛ يقال : أحميت الحديدة أحميها إحماء. وحمي الشيء يحمى حميا (٦). فالحمي : الحرارة المتولدة من الجواهر المحميّة كالنار والشمس والقوة الحارّة في البدن. وقوله تعالى : (فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)(٧) أي حارّة ، وقرىء «حمئة» (٨) وقد تقدّم.
وحميّا الكأس : سورتها (٩) وشدّتها. وعبّر عن القوة الغضبيّة ، إذا ثارت وكثرت ، بالحميّة ؛ قال تعالى : (فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ)(١٠). وحميت على فلان : غضبت عليه. وعبّر به عن المنع فقيل : حمى المكان يحميه ، ومنه : «لا حمى إلا لله ورسوله» (١١). وحميت أنفي محمية ، وحميت القوس حمية.
__________________
(١) ١٦ / الزمر : ٣٩.
(٢) النهاية : ٣ / ٤٨٤. الفيح ، سطوع الحر وفورانه.
(٣) ذكره ابن حجر المكي في فتاويه ، وعند أبي نعيم وابن السني بلفظ : رائد الموت ... (كشف الخفاء : ١ / ٣٦٦).
(٤) وفي المفردات : ١٣٠. بالشعر ، ولعله أصوب.
(٥) ٣٥ / التوبة : ٩.
(٦) وأضاف في اللسان : وحميّ وحموّا (مادة ـ حما).
(٧) ٨٦ / الكهف : ١٨.
(٨) هي قراءة ابن عباس ، و «حامية» قرأها ابن الزبير (معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٥٨).
(٩) وفي الأصل : لتسودها ، وهو وهم.
(١٠) ٢٦ / الفتح : ٤٨.
(١١) النهاية : ١ / ٤٤٧.