القرآن جمع حوراء فقط لقوله : (مَقْصُوراتٌ)(١). ومنه الحواريّ وذلك لبياضه وتصفيته ، قال بعضهم : سمّوا قصّارين. ولم يكونوا قصّارين ؛ شبّهوا بهم من حيث إنهم كانوا يطهّرون نفوس الناس بإفادتهم الدّين والعلم المشار إليه بقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٢) ، فقيل لهم قصارين على التّمثيل. وقيل : بل كانوا صيادين. وقيل : ليسوا صيادين حقيقة ، وإنّما ذلك على التّمثيل لأنّهم كانوا يصيدون نفوس الناس إلى الحقّ من الحيرة. وقال الأزهريّ : هم خلصان الأنبياء (٣) وتأويله : الذين أخلصوا ونقّوا من كلّ عيب ، من الدقيق الحوّارى ، وهو المنقّى الخالص.
وحواريّ الرجل : خاصّته ، وفي الحديث : «الزبير ابن عمّتي وحواريّ من أمّتي» (٤) أي ناصري ومختصّ فيّ من بين أصحابي. وفي آخر : «لكلّ نبيّ حواريّ وحواريّ الزّبير» (٥) تشبيها بهم في النّصرة حيث قال عيسى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ)(٦). والرواية حوري بالفتح وذلك أنّه خففت ياؤه ثم إضافة لياء المتكلم ولو روي بكسرها على أنّه إضافة من غير حذف ، وحذفت ياء المتكلم لالتقاء الساكنين نحو كرسيّ الخشب. ولما بلغه عليه الصلاة والسّلام قتل أبي جهل لعنه الله قال : «إنّ عهدي به في ركبتيه حوراء» (٧) ؛ هي كيّة سميت حوراء لأنها يبيضّ موضعها. ومنه حوّر عين دابّته : أي كواها (٨). وفيه : «حوّر عليهالسلام أسعد بن زرارة بحديدة» (٩). والمحور : ما يكوى به ، كالمنجل.
__________________
(١) ٧٢ / الرحمن : ٥٥.
(٢) ٣٣ / الأحزاب : ٣٣.
(٣) وعزاه ابن منظور إلى الزجاج (مادة ـ حور).
(٤) النهاية : ١ / ٤٥٧.
(٥) البخاري ، باب الجهاد ، رقم ٤٠.
(٦) ٥٢ / آل عمران : ٣.
(٧) النهاية : ١ / ٤٥٩ ، وفي الأصل : حوار.
(٨) كواها من داء يصيبها.
(٩) وفي النهاية : «أنه كوى أسعد بن زرارة على عاتقه حوراء» (١ / ٤٥٨). وانظر مرضه وسبب كيّه في (أسد الغابة : ١ / ٧١).