ح ي ص :
قوله تعالى : (ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ)(١) المحيص : المهرب والمعدل. يقال : حاص عن الحقّ أي مال عنه إلى شدة ومكروه ، وأصله من قولهم : وقع في حيص بيص (٢). وحيص بيص أي شدة شديدة. وتركت (٣) البلاد حيص بيص : أي منقلبة ظهرا لبطن ، كناية عن اختلاف أهلها. وفي حديث أبي جبير : «وجعلتم الأرض عليه حيص بيص» (٤) أي ضيقة.
«وحاص المسلمون حيصة» (٥) ، ومنه في حديث قيصر : «فحاصوا حيصة الحمر» أي جالوا جولة. يقال : حاص يحيص حيصا وحيصة ومحيصا أي عدل عن ذلك وحاد عنه. وجاض ـ بالجيم والضاد المعجمة ـ بمعناه. وينشد للحماسيّ (٦) : [من الطويل]
ولم ندر كم (٧) جضنا من الموت جيضة |
|
كم العمر باق والمدى متطاول |
يروى بالوجهين (٨).
وأما الحوص : فهو خياطة الجلد ، ومنه حصيت عين الصّقر. والأحوص شاعر معروف (٩) ، وليس هذا من هذه المادة ، ولا المعنى في شيء ، وإن كان الراغب ذكره هنا (١٠).
__________________
(١) ٢١ / إبراهيم : ١٤.
(٢) أي وقع في فتنة واختلاط في أمره. وقالوا : إن الأصل : حيص وبيص ، ثم حذفت الواو إيجازا وتخفيفا والمعنى على العطف فتضمن معنى حرف العطف فبني لذلك كما فعلوا في خمسة عشر وبابه (شرح المفصل : ٤ / ١١٤).
(٣) وفي س : نزلت.
(٤) النهاية : ١ / ٤٦٨. ويقول ابن الأثير : ولا تنفرد إحدى اللفظتين عن الأخرى.
(٥) من حديث ابن عمر (النهاية : ١ / ٤٦٨) أي جالوا جولة يريدون الفرار.
(٦) البيت لجعفر بن علبة الحارثي (شرح الحماسة : ١ / ٤٧).
(٧) وفي الشرح : أن. وفيه : جاض عن قرنه وحاص بمعنى ، أي عدل وانحرف.
(٨) أي حصنا ... حيصة ، وجضنا ... جيضة.
(٩) هو عبد الله بن محمد ، من شعراء العصر الأموي ، توفي سنة ١٠٥ ه.
(١٠) لم يذكر الشاعر الأحوص ، وإنما ذكر الحوص (المفردات : ١٣٦).