وقوله : (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ)(١) أي ما يرجع وبال خداعهم إلا عليهم لا يتعدّاهم ، (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ)(٢) ، (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)(٣).
وقرىء : «وما يخدعون» ولم يقرأ الأول في السبع (٤) إلا «يخدعون» كما بينّا وجه ذلك في غير هذا. وقيل : إنّ هذا من باب المقابلة ، أي وهو يعاملهم بعقابه معاملة الخادع.
وقولهم : «أخدع من ضبّ» (٥) أي أمكر ، وذلك أنّ الضبّ يتّخذ عقربا على باب حجره تلدغ من يدخل يده فيه حتى قالوا : إنّ العقرب بوّاب الضبّ وحاجبه ، فقالوا ذلك لاعتقاد الخديعة فيه. وخدع الضّبّ أي استتر في حجره. وطريق خادع وخيدع كأنهم تصوّروا خداعه لسالكه لمّا تاه فيه.
والمخدع : بيت في بيت ؛ تصوّروا أنّ بانيه جعله لمن رام تناول ما فيه. وخدع الريق : قلّ ، تصوّروا منه الخديعة ، والأخدعان : تصوّر منهما الخداع لظهورهما تارة وخفائهما أخرى. وخدعته : قطعت أخدعه. وفي الحديث : «بين يدي الساعة سنون خدّاعة» (٦) أي محتالة لتلوّنها بالجدب مرة والخصب أخرى. وفيه (٧) : «الحرب خدعة» أي / حيلة ، أي ينقضي أمرها بخدعة واحدة. ونقل الهرويّ : أنه يقال : خدعة بضم. وعن الأصمعيّ في قوله : «سنون خدّاعة» أي قليلة المطر ، من خدعه ريقه أي قلّ. وقال غيره : أي يكثر مطرها ويقلّ ريعها.
__________________
(١) ٩ / البقرة : ٢. وانظر القراءات بعد أسطر ، وانظر الحاشية بعد.
(٢) ٢٣ / يونس : ١٠.
(٣) ٤٣ / فاطر : ٣٥.
(٤) قراءة الجارود بن أبي سبرة «وما يخدعون إلا أنفسهم» ما لم يسمّ فاعله. وقرأها مورق العجلي بالتشديد «يخدّعون». وأبو طالوت عن أبيه «وما يخادعون» بفتح الدال (مختصر الشواذ : ٢).
(٥) المستقصى : ١ / ٩٥.
(٦) النهاية : ٢ / ١٤ ، وفيه : «تكون قبل الساعة سنون خداعة».
(٧) أي في الحديث. النهاية : ٢ / ١٤. ويروى بضم الخاء مع سكون الدال ، وبضمها مع فتح الدال.