ائْتِنا)(١) أي بايعنا على ملّتنا. وقوله : (يَأْتِ بَصِيراً)(٢) أي يعد ، كقوله : (فَارْتَدَّ بَصِيراً)(٣).
والميتاء من قولهم : طريق ميتاء (٤) من ذلك ، فهو مفعال (٥) من الإتيان. وفي الحديث : «لو لا أنه (٦) طريق ميتاء لحزنّا عليك يا إبراهيم» ، أي أن الموت طريق مسلوك. وما أحسن هذه الاستعارة وأرشق هذه الإشارة! وقال شمر : ميتاء الطريق ومبدؤه : محّجته. وفي الحديث أيضا : «ما وجدت في طريق ميتاء فعرّفه سنة» (٧) والإتيان : يقال للمجيء بالذات وبالأمر والتدبير ، وفي الخير والشرّ. ومن الأول قوله : [من المتقارب]
أتيت المروءة من بابها
وقوله : (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى)(٨) أي لا يتعاطون. وقوله : (يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ)(٩) أي يتلبّسون بها. فاستعمال الإتيان هنا كاستعمال المجيء في قوله : (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا)(١٠). ويكنى بالإتيان عن الوطء. ومنه : أتى امرأته. وقوله : (أَ تَأْتُونَ الذُّكْرانَ)(١١)(أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ)(١٢) من ذلك ، وهو من أحسن الكنايات.
__________________
(١) ٧١ / الأنعام : ٦.
(٢) ٩٣ / يوسف : ١٢.
(٣) ٩٦ / يوسف : ١٢.
(٤) الميتاء : الطريق العامر ومجتمع الطريق. وقال شمر : «ميتاء الطريق وميداؤه : محجته» (الغريبين : ١٣).
(٥) وفي س : مفعول ، وهو وهم.
(٦) الحديث ناقص ، وتمامه : «لو لا أنه وعد حقّ وقول صدق وطريق ميتاء لحزنّا عليك أكثر ما حزنا» (النهاية : ٤ / ٣٧٨). وتمامه من الغريبين.
(٧) الغريبين : ١٣ ، والنهاية : ٤ / ٣٧٨ ، وهو حديث اللّقطة.
(٨) ٥٤ / التوبة : ٩.
(٩) ١٥ / النساء : ٤.
(١٠) ٢٧ / مريم : ١٩.
(١١) ١٦٥ / الشعراء : ٢٦.
(١٢) ٥٥ / النمل : ٢٧.