يخالّه. قال الراغب (١) : وهذا منه تشبيه (٢) فإنّ الخلّة من تخلّل الودّ نفسه ومخالطته كما قال الشاعر (٣) : [من الخفيف]
قد تخلّلت مسلك الروح مني |
|
وبذا سمي الخليل خليلا |
ولهذا يقال : تمازج روحانا. والمحبة : [البلوغ](٤) بالودّ إلى حبّة القلب من قولهم : حببته إذا أصبت حبّة قلبه. ولكن إذا استعملت المحبة في الله فالمراد مجرد الاختيار. وكذا الخلّة ؛ فإن جاز في أحد اللفظين جاز في الآخر ؛ فأمّا أن يراد بالحبّ حبّة القلب ، وبالخلّة التّخلّل فحاشا لله أن يراد فيه ذلك.
وقوله : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ)(٥) أي لا يمكن في القيامة ابتياع حسنة ولا اجتلابها بمودّة ، وذلك إشارة إلى قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٦). وقوله : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) فقد قيل : هو مصدر من خاللت. وقيل : هو جمع. يقال : خليل وأخلّة وخلال ، والمعنى كالأول. وفي الحديث : «أتي بفصيل مخلول» (٧) قيل : مهزول. وقال شمر : [جعل على](٨) أنفه [خلال] لئلا يرضع. والمخلول : السمين. والهزيل يقال فيه : خلّ ومختلّ ، وهذا موافق لما قدّمناه.
خ ل و :
قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ)(٩) أي انفردوا معهم. وإنّما عدّي بإلى لأنه ضمّن بمعنى انتهى ، كأنه قيل : انتهوا إليهم في خلاء. وقال بعضهم : إلى بمعنى مع (١٠)
__________________
(١) المفردات : ١٥٣.
(٢) في الأصل : تشبه.
(٣) من شواهد المفردات : ١٥٣.
(٤) ساقطة ، أضفناها منن المفردات : ١٥٣.
(٥) ٢٥٤ / البقرة : ٢.
(٦) ٣٩ / النجم : ٥٣.
(٧) النهاية : ٢ / ٧٣.
(٨) في الأصل : خل أنفه ، والإضافة من النهاية للسياق ، وفي الصفحة السابقة ، المادة ذاتها : على لسانه.
(٩) ١٤ / البقرة : ٢.
(١٠) وهذا رأي الكوفيين وبعض البصريين في قوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ).