ومنه الخمار لما يغطى به الشيء ، ثم غلب على ما تستر به المرأة وجهها (١). يقال : أخمرت المرأة وخمّرت ، والجمع خمر. قال تعالى : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ)(٢). وفي الحديث : «خمّروا آنيتكم» (٣) أي غطوها. ودخل في خمار الناس وغمارهم أي في جماعتهم الساترة. فهذه المادة كيفما دارت دلّت على السّتر والمخالطة.
وقيل : هو من العنب خاصّة ، أو من العنب والتمر خاصة ، أو هو أعمّ من ذلك ، خلاف طويل أتقنّاه بدلائله ولله الحمد في «القول الوجيز» وغيره. وفي الحديث : «الخمر من هاتين الشجرتين : النخلة والعنبة» (٤). ومنهم من جعلها اسما لغير المطبوخ ، ثم اختلفوا في كمية الطبخ المسقطة لاسم الخمريّة عنه. وقيل : سمي خمرا لملازمته الدنّ. والمخامرة : الملازمة. ومنه : خمرة الطيب (٥). وخمرته : رائحته ، لأنها تلازمه. وعنه استعير : «خامري أمّ عامر» (٦).
وخمرت العجين : جعلت فيه الخمير. وسميت الخميرة بذلك لكونها مخمورة من قبل. والخمر ـ بفتح الميم ـ : كل ما سترك من شجر وبناء وغيرهما. ومنه قوله : [من الوافر]
فقد جاوزتما خمر الطريق
ويروى بالفتح والسكون.
قوله : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(٧) أي عنبا ، تسمية للشيء بما يؤول إليه. كما يسمى الخمر عنبا تسمية له بما كان عليه وما كان منه. كقول الراعي (٨) : [من الوافر]
__________________
(١) الصواب : رأسها ، كذا في اللسان والمفردات.
(٢) ٣١ / النور : ٢٤.
(٣) النهاية : ٢ / ٧٧ ، وفيه : «خمّروا الإناء».
(٤) صحيح مسلم ؛ الأشربة : ١٣ ـ ١٥.
(٥) الخمرة والخمرة : الرائحة الطيبة.
(٦) المستقصى : ١ / ٧٥. إذا دخل الصياد وجار الضبع فيقول : خامري أم عامر ، وأم عامر هي الضبع. خامري : الجئي إلى أقصى وجارك واستتري.
(٧) ٣٦ / يوسف : ١٢.
(٨) البيت من شواهد اللسان ـ مادة خمر. يريد الخمر.